وقال بعض الأعلام : « إنّ مسألة الحسن والقبح من المبادئ الأحكاميّة للمسألة الثانية ( قاعدة الملازمة ) ، وكانت الرابطة بينهما رابطة ذي المقدّمة مع مقدّماته » . وممّن صرّح بهذا بعض أعلام المعاصرين ( آية الله الشيخ جعفر السبحاني مدّ ظلّه ) ، ولكنّ المستفاد من كلامه أنّها مقدّمة منحصرة ، وسوف يأتي الكلام في أنّها ليست مقدّمة منحصرة . وقال سيّدنا الأُستاذ المرجع الديني آية الله المحقّق المدقّق الخوئي : « إنّ بين القاعدتين مغايرة تامّة ، ولا صلة لإحداهما بالأُخرى ; لأنّ مجرى قاعدة الملازمة خصوص ما في سلسلة علل الأحكام ، وهي مقام كشف الملاك والمصالح والمفاسد » [1] . تحقيق المقام : والتحقيق بنظري القاصر : أنّهما قاعدتان متغايرتان مفهوماً ، وبين مصاديقهما العموم من وجه ; فإنّ قاعدة الحسن والقبح تختصّ بالعقل العملي وتعمّ فعل الخالق والمخلوق ، وقاعدة الملازمة تختصّ بأفعال المخلوقين وتعمّ المستقلاّت العقليّة وملاكات الأحكام الشرعيّة ، وهكذا في غير المستقلاّت ; فإنّ قاعدة الحسن والقبح تشمل ما في سلسلة المعلولات من حسن الإطاعة وقبح المعصية ، وأمّا قاعدة الملازمة فهي قاصرة عن شمول
[1] مصباح الأُصول : بحث التجري ج 2 ص 25 - 26 . أقول : في كلامه تهافت واضطراب كما يأتي - إن شاء الله - في بحث الأقوال .