بالسمع دون العقل ، ولا يجب على الله شيء بالعقل : لا الصلاح ولا الأصلح ولا اللطف ، وأصل التكليف لم يكن واجباً على الله ، وبعث الرسل من القضايا بالتفاضل لا الواجبة [1] . والمحكي عن السبكي والمقريزي أنّ المذاهب الأربعة ( الحنفي ، المالكي ، الشافعي ، الحنبلي ) أكثرهم اختاروا في الأُصول مذهب الأشاعرة ، فانحصرت فكرة الاعتزال في الزيديّة وجماعة قليلة من أهل السنّة . أقول : وتبعهم الشيعة الإماميّة الإثنا عشريّة في مسألة العدل والحكمة والحسن والقبح العقليّين وما يتفرّع على ذلك ، فعلى هذا كان الالتجاء إلى الدليل العقلي من مفاخر الإماميّة ، فهم يقولون : إنّ العقل يُكتسب به الجنان وعُبد به الرحمن ، والعقل هو الشرع الباطن . . . إلى غير ذلك ممّا ورد عن أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فقاعدة الملازمة تعتبر من مفاخر الإماميّة ، نعم نُسب إلى بعض الأخباريّين عدم القول بها كما سيأتي . ومع ذلك كلّه نرى من علماء أهل السنّة - وخصوصاً طائفة الحنفيّة وبعض الشافعيّة - الرجوع إلى القياس والاستحسان والمصالح المرسلة ، ومآل تلك الأُمور إلى الدلائل العقليّة الظنّية ، وصرّح الغزالي في كتاب المستصفى بأنّ دلائل الفقه أربعة وهي ( الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ) [2] وهو من جماعة الأشاعرة ، وقد تفطّن لذلك الأُستاذ الأكبر في رسالة ألّفها في الحسن والقبح العقليّين فقال : « الشيعة والمعتزلة والحكماء والبراهمة وغيرهم من
[1] المصدر السابق : الفصل الثالث / الأشعرية ج 1 ص 101 - 102 . [2] المستصفى : ج 1 ص 127 .