العقلاء يقولون بالحسن والقبح العقليّين سوى الأشاعرة ، والظاهر أنّ إنكارهم في اللسان وفي مقام المخاصمة ، وإلاّ فهم في مقام الموعظة وتهذيب الأخلاق يصرّحون بهما ويؤكّدون ويبالغون كما لا يخفى على من لاحظ كتب الأخلاق مثل إحياء العلوم للغزالي والفتوحات والمثنوي وغير ذلك » [1] . وقال : « الأشاعرة يقولون بحجّية القياس والاستحسان ، ولا يتمشّى القول بهما إلاّ على الحسن والقبح العقليّين : أمّا الاستحسان فظاهر ، وأمّا القياس فلأنّ الجامع الذي هو شرط وعلّة في الحكم ليس إلاّ أمراً عقليّاً يدركه العقل ويحكم به ، والأدلّة التي يستدلّون بها على حجّية القياس ترشد أيضاً على الحسن والقبح العقليّين » [2] . أقول : ويمكن الدفاع عنهم بأنّ مورد الإنكار المستقلاّت العقليّة ، ومورد الإقرار غير المستقلاّت وما يرجع إلى استخراج المناطات . الأمر الثاني : في المراد من العقل : قد مرّ في المسألة السابقة - الحسن والقبح العقليّين - أنّ المراد من العقل في الكتاب والسنّة وكلام أصحابنا في المباحث الفقهيّة والأُصوليّة وشرح أحاديث أئمّتنا ليس معناه الفلسفي - أي قوّة إدراك الأُمور الكلّية أو المدرَك بهذه القوّة - بل معناه : مطلق الشعور الباطني وما تشتهيه النفس وتنزجر عنه إذا كان التشهّي والانزجار بمعونة القوّة العاقلة ، وموافقين للأوامر الصادرة
[1] الفوائد الحائرية : الفائدة السادسة ص 363 . [2] المصدر السابق : ص 364 .