ومنها : صحيحة ابن بزيع ، فإنها نافية لاشتراط الكرية - على ما اخترناه في المراد منها ، من رجوع التعليل إلى الصدر - فيعلم من عموم التعليل أن جميع المياه ذات المادة ، موسع لا ضيق فيها ، فيكون مطهرا من الأحداث والأخباث من غير شرط ، وغير منفعل بملاقاة النجاسة . ويمكن دعوى : أنه لو رجع إلى الجملة المحذوفة كما هو المعروف بينهم ، أو الجملة الأخيرة المذكورة - كما هو المختار ، بناء على رجوعه إلى الأخير من غير لزوم إشكال - يتم المطلوب ، لأنه إذا كانت المادة سببا لرفع النجاسة ، فكونها سببا لرفعها أولى ، وهذا هو المفهوم منها عرفا . وتوهم : أن الأولوية القطعية في المسائل العبادية ممنوعة ، فاسد ضرورة أن مسألتنا هذه ليست منها ، فإن للعرف قدما راسخا في هذه المسائل ، وليس للشرع إبداعات فيها كما لا يخفى . وإن شئت قلت : بعد ما تغير ماء البئر ، وكان ما لا يتغير منه أقل من الكر ، فهو إما ينجس ، أو لا ينجس . فعلى الثاني : فهو المطلوب ، لأن عدم تنجسه مع كونه قليلا للمادة ، فيكشف عموم الحكم . وعلى الأول : فإما يقال : بأنه إذا تنجس ، لا يطهر ما زال عنه وصف التغير ، فهو خلاف الصحيحة . وإما يقال : بأنه ينجس بعد ما تغير ، وإذا زال وصف التغير يطهر بنفسه ، ثم يورث طهارة ما زال عنه الوصف ، فهو بلا دليل ، وإذا كان زوال النجاسة عنه بعد ذلك للاتصال بالمادة ، فكون الملاقاة موجبا لنجاسته بلا وجه . وإما يقال : بأنه يورث طهارة المتغير ، الزائل عنه وصف التغير ، مع