ثم إن من المتأخرين أيضا حكموا بالأحكام ووافقوا القدماء ، لكن جمع منهم قالوا بأن الأحكام لا دليل عليها ، سوى الحرمة ، بناء على أن السكر عندهم هو أن لا يعرف السماء من الأرض وأمثال ذلك ، كما وقع التصريح في عبارتهم [1] ، وهذا المعنى وجدوه غير متحقق قطعا في العصير بمجرد الغليان ، ولذا نصوا على ذلك . ولذا لم يعملوا بأمثال هذه الأخبار ، بأن أولوها ، أو طرحوها ، سيما الذي سنده ضعيف . ومع ذلك ربما حكموا بالنجاسة أيضا باعتقاد أن الشهرة كافية ، أو بالقياس ، أو أنهم فهموا من الأخبار أن المراد أنه مثل الخمر والمماثلة يكون في الحكم الشرعي ، فيرجع إلى جميع الأحكام ، لأنه الأقرب في حكاية المماثلة ، كما صرح به بعضهم في الفقاع [2] ، فيكون مرادهم من عدم الدليل عدم النص وأنهم رجعوا عن معتقدهم فتفطنوا بالمنشأ ، أو اعتقدوا الإجماع . وأما الحكم بوجوب الحد ، فما خالف أحد ، مع عدم وجود نص أو غير ذلك من الأدلة . هذا حال العصير العنبي . أما التمري والزبيبي ، فلعل القائل بالحرمة من القدماء قائل بالنجاسة ووجوب الحد أيضا ، ولذا نقل المتأخرون القولين أيضا . ولعل الكليني يعتقد ذلك أيضا ، لأن فتواه هو أخبار كتابه ، ومن جملة الأخبار التي أوردها في باب أصل تحريم الخمر صرح فيها بأن ما وقع في العنب