عروض السكر وصيرورته مسكرا ، وبمجرد احتمال كونه مسكرا لا يخرج عن الحلال ويدخل في الحرام ، لأنه فهم أن الحرمة في النبيذ ليست إلا من جهة السكر ، والأصل براءة الذمة حتى يثبت الحرمة ، ولأنهم ( عليهم السلام ) حكموا بحرمة المسكر لا ما احتمل كونه مسكرا ، ولأن المذهب حرمة المسكر أو الغالي ولم يذهب ثلثاه ، وما نحن فيه ليس بواحد منهما ، فثبت أن النبيذ هو مجرد ماء التمر ، وأنه حلال وحرام ، والحلال مباح مطلق ومكروه ، لأن محتمل الحرمة مكروه . قلت : ما ذكرت إثبات اللغة بالدليل ، وهو فاسد ، ومع ذلك اجتهاد في مقابل النص ، لأن الوارد في النص ليس إلا أن النبيذ مسكر وغير مسكر ، وغير المسكر فسروه للراوي بما فسروه ، والرواة طريقة فهمهم في المخاطبات والمحاورات طريقة فهم أهل العرف لا بالقوانين الاجتهادية والأصول التي أسسها المتأخرون . مع أن المقرر عندهم أن التمسك بالأصل إنما هو في صورة لم يكن نص ، أو لم يكن فهم عرفي أو قاعدة أخرى . وحمل المسكر على ما ظهر سكره فاسد ، لأن المسكر اسم لما هو مسكر في نفس الأمر ، والظهور خارج عن معناه ، وشرط الحلية هو عدم السكر ، كما يظهر من الأخبار ، والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط ، والأصحاب جعلوا في الفقاع الأصل الحرمة حتى يثبت الحلية ، مع أن منه حلال كما يظهر من الأخبار [1] ، وحال الفقاع والنبيذ بالنظر إلى الأخبار واحد ، ولعله بالنظر إلى كلام الفقهاء أيضا كذلك ، كما ذكرنا عن الصدوق وقلنا : إن الظاهر موافقة الكليني له [2] ، والفقهاء حكموا بحرمة النبيذ مطلقا .
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 25 / 381 الحديثين 32180 و 32181 . [2] راجع الصفحة : 57 من هذا الكتاب .