وفيه - مضافا إلى ما عرفت - أن مجرد الشرب لا يقتضي الفسق ، لجواز عروض الشبهة ، ألا ترى أن أصحاب الباقر والصادق ( عليهما السلام ) جمع منهم كانوا يشربون النبيذ المسكر ، مع جلالتهم وعدالة بعضهم لقرب عهدهم إلى زمان الصادق ( عليه السلام ) ظهر عليهم حرمته [1] ، ككثير من الأحكام التي كانت خفية عليهم إلى ذلك الزمان . ويشهد على ما قلناه ، ما ورد في بعض الأخبار من أنه لا يقبل شهادة من يشرب النبيذ في الأشربة وإن كان يصف ما يقولون [2] ، يعني وإن كان من الشيعة فتأمل ، جدا . مع أن المناسب على هذا أن يقول : لا تقبل شهادته أصلا ، لا في خصوص شئ من الأشربة ، مع أن غير الخمر من المسكرات لا تفاوت بينها أصلا ، ولا خفاء في ذلك قطعا ، فلا وجه لتعرض إن شرب النبيذ . الرابع : رواية زيد النرسي ، عن الصادق ( عليه السلام ) : " في الزبيب يدق ويلقى في القدر ويصب عليه الماء ، قال : حرام حتى يذهب ثلثاه ، قلت : الزبيب كما هو يلقى في القدر ، قال : كذلك ، إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد ، كلما غلا بنفسه أو بالنار فقد حرم إلا أن يذهب ثلثاه " [3] .
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 25 / 337 الحديث 32064 و 341 الحديث 32075 و 347 الحديث 32091 . [2] لاحظ ! وسائل الشيعة : 25 / 294 الحديث 31941 ، وفيه : ( وإن كان يصف ما تصفون ) . [3] نقل هذا الحديث - بهذا النص - عن زيد النرسي وزيد الزراد في : جواهر الكلام : 6 / 34 ، أما في : بحار الأنوار : 63 / 506 الحديث 8 و : مستدرك الوسائل : 17 / 38 الحديث 20676 ، فمتن الحديث هكذا : " سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن الزبيب يدق ويلقى في القدر ، ثم يصب عليه الماء ويوقد تحته ، فقال : لا تأكله حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث ، فإن النار قد أصابته ، قلت : فالزبيب كما هو يلقى في القدر ويصب عليه الماء ، ثم يطبخ ويصفى عنه الماء ، فقال : كذلك هو سواء ، إذا أدت الحلاوة إلى الماء فصار حلوا بمنزلة العصير ثم نش من غير أن تصيبه النار فقد حرم ، وكذلك إذا أصابته النار فأغلاه فقد فسد " ) .