مع أن الحاصل من قول أهل الخبرة ليس أزيد من المظنة ، فكيف إذا لم يكن من أهل الخبرة ؟ فإنه لم يحصل من قوله المظنة أيضا ، إذ بمجرد ترك شرب النبيذ المخمور كيف يصير من أهل الخبرة في السكر حتى يحصل من قوله مظنة ؟ مع أنك عرفت عدم كفاية المظنة في المقام ، لأن شرب المسكر إهلاك الروح والعقل والدين ، فكيف يكتفى بمجرد القول الذي لا يحصل منه مظنة أصلا ؟ ! ولا يخفى فساد ذلك على من له أدنى فهم ، سيما مع ملاحظة جميع ما ذكرناه سابقا ، وخصوصا بعد ملاحظة أنه في مقام الشهادة ربما عرضه السكر ، وربما كان في مزاج غيره يحدث ، أو أنه أكل أو شرب أو فعل ما يمنع عن السكر ، أو أنه ما شرب المقدار الكثير الذي شربه يحدث السكر . . إلى غير ذلك . مضافا إلى ما سيجئ من أنه مع احتمال السكر ما جوز الشارع أصلا ما سيجئ على أنه ( صلى الله عليه وآله ) ما قيد الأشربة بالمخمورية كما قيد النبيذ بها ، فيظهر عدم اعتبارها في مقام الشهادة فيها . فإن قلت : أي مناسبة بين شرب المسكر وشرب ما لم يذهب ثلثاه ، حتى يكون سببا لعدم قبول الشهادة ؟ قلت : كل من استحل المسكر استحل ما لم يذهب ثلثاه جزما ، وكل من شربه يشربه بطريق أولى ، مع احتمال أن يكون النبيذ المخمور شاملا لما لم يذهب ثلثاه ، وسيجئ نظير هذه في صحيحة عمر بن يزيد [1] ، واستدل بعض الفضلاء بهذا الخبر على الحل ، بأن مفهوم الشرط يدل على أنه لو لم يشرب المخمور قبلت شهادته فيكون حلالا [2] .
[1] وسائل الشيعة : 25 / 292 الحديث 31937 . [2] مراده ببعض الفضلاء : الشيخ أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني ، ورسالته غير متوفرة لدينا .