، ولو رجع إلى غيره يكون [1] آثما بالبديهة ، مع أنه فساد أو هلاك دنيوي ، فكيف لا يرجع إلى أطباء الأديان ؟ مع أن خطأه فساد أخروي وهلاك سرمدي ! فتأمل . فإن قلت : قد ورد في بعض الأخبار حكم الشارع بصحة عبادة الجاهل ، حيث سأله بأنه فعل كذا وكذا ، فأجاب بما دل على الصحة [2] . قلت : هو كما هو ظاهر في الصحة كذلك ظاهر في عدم وجوب العلم والمعرفة ، حيث ما أنكر عليه أصلا ، بل ولا عاب [3] عليه مطلقا ، بل وقرره على ذلك ، فما هو جوابك عن هذا فهو الجواب عن ذلك . على أنه لا شك في أن العبادات ليست مما يمكن معرفتها من لغة أو عرف أو عقل ، إذ ليس لأمثال هذه الأمور طريق إليها أصلا وقطعا ، ولا يمكن جعلها واختراعها عند أدائها على حسب ما هو الواقع [4] . بل لا بد من أنه إما تقليد من الراوي ، أو اجتهاد من العمومات الشرعية ، وهذا الاجتهاد صحيح البتة ، سيما بالنسبة إلى ذلك الزمان . وأما التقليد ، فربما يكون فاسدا ، وربما يكون صحيحا ، فمن أين ثبت كون فعل الراوي تقليدا فاسدا حتى تستدلون به على أن الأصل في أفعال المسلمين الحمل على الصحة ؟ ! بل الظاهر من حال هؤلاء الرواة عدم التقليد أصلا ، فضلا عن أن يكون تقليد امرأة أو عامي جاهل ، بل ربما يحصل بالتأمل العلم بأنه لم يكن كذلك .
[1] في ألف ، ب ، ج ، ه : ( فيكون ) . [2] لاحظ ! تهذيب الأحكام : 5 / 72 الحديث 239 ، وسائل الشيعة : 12 / 488 الحديث 16861 . [3] ألف ، ب ، ج ، د : ( عاتب ) . [4] في ألف : ( حسب ما هو في الواقع ) .