بالظنون التي ذكرت ، إلا أنه اتفق خطأ ظنون أحدهما ، وصارت عباداته [1] مخالفة للواقع بخلاف الآخر ، فكيف يعاقب بالنسبة إلى كل واحد واحد من واجباته ومحرماته عقابا ، كل واحد من العقابات على حدة ، ولا يمكن وصف شدة كل واحد من العقابات ؟ ! والآخر يعطى الجنة ومثوباتها [2] العظيمة التي لا يمكن وصف واحد منها ، كل ذلك بمحض الاتفاق ، بأن اتفق أن عبادة هذا صارت خطأ ، واتفق أن عبادة هذا وافقت الواقع ، مع عدم تفاوت أصلا في فعلهما وعنايتهما [3] ، وبذل جهدهما ، بل وربما كان العناية [4] وبذل الجهد من الخاطئ أكثر ، وظنه أقوى وأشد . فإن قلت : بناء الفقه على الظنون ، والمرء متعبد بظنه . قلت : إن أردت من الظنون ما هو معتبر شرعا فمسلم ، لكن الكلام في اعتباره ، ولم يثبت ، بل وثبت خلافه كما عرفت ، بل الأوامر الواردة في وجوب تحصيل العلم والمعرفة ، والتأكيدات ، والتشديدات ، والوعيدات ، والتهديدات لم ترد إلا لأجل أن لا يعتمد على أمثال هذه الظنون . وإن أردت كل ظن وأن الكل معتبر شرعا فممنوع ، بل وفاسد كما عرفت [5] . مع أنه يلزم على هذا صحة عبادته [6] وإن كانت مخالفة لما أمر به ، بل
[1] في ب ، د : ( عبادته ) . [2] لم ترد عبارة : ( على حدة . . . ومثوباتها ) في ب ، ج ، د ، ه . [3] في ب : ( وعبادتهما ) . [4] في ب : ( كانت العبادة ) . [5] راجع الصفحتين : 32 و 33 من هذا الكتاب . [6] في ج : ( عباداته ) .