لكن ليس هذا صحة المعاملة ، إذ لم يترتب على المعاملة أثر أصلا ، مثل نقل الملك ولزومه وغير ذلك ، بل العوضان باقيان على حالهما السابق من أن كل واحد منهما يتصرف الآخر في ماله ليس بمعاملة [1] ، فإن ثمرة البيع هي النقل وغير ذلك مما هو معروف . فظهر مما تلوناه ، أن الأصل في المعاملة الفساد وعدم الصحة ، إلا أن يثبت الصحة بدليل ، من إجماع أو نص خاص أو عام ، مثل : * ( أحل الله البيع ) * [2] وأمثاله . فإن قلت : غاية ما ثبت مما ذكرنا أن الصحة لا يثبت إلا بدليل ، لأن الأصل الفساد ، وعدم الصحة ، لأن الفساد شرعا أيضا يحتاج إلى دليل شرعي ، فكيف يكون الأصل الفساد ؟ ! قلت : قبل وقوع المعاملة المشكوكة حالها كان الثمن مال المشتري والمبيع مال البائع ، ولم يكن خيار وأمثال ذلك من مراتب البيع ، فالأصل بقاء الكل على ما كان عليه وعدم تحقق تغير أصلا ، ولا يترتب أثر [3] مطلقا ، وهذا عين الفساد . وأصالة البقاء إجماعي ، مضافا إلى استصحابه وظهوره من الأخبار [4] ، مع أن عدم الدليل دليل عدم الحكم عندنا ، كما هو الحال في سائر الأحكام الشرعية ، فتأمل . والحاصل ، أن فساد المعاملة لا يحتاج إلى دليل ، بل الأصل الفساد ، وإنما المحتاج إليه هو الصحة ، ودليلها غالبا هو العمومات ، أو الإطلاقات .
[1] في ألف : ( يتصرف الآخر في ما ليس له بمعاملة ) . [2] البقرة ( 2 ) : 275 . [3] في ب : ( ولا ترتب أثر ) . [4] لاحظ ! وسائل الشيعة : 18 / 21 الباب 9 من أبواب الخيار و 23 الباب 10 من أبواب الخيار .