الحكم شرعيا . على أنه إذا كان الأصل هو الصحة ، يلزم أن يكون كل من يعامل معاملة يكون شارعا أو شريك الشارع في الشرع والتشريع ، وأن لا يكون التشريع حراما . فإن قلت : الفقهاء يستدلون بأصالة الصحة . قلت : يتمسكون بها في موضع ثبت حكم من الشرع صحة وفسادا ، ولا يدري أن الواقع من المسلم هل يكون من الصحيح ، أو الذي ثبت فساده ، فيقولون : الأصل صحة ما وقع منه ، حملا لتصرف المسلم على الصحة ، وهو إجماعي ، وظاهر من الأخبار [1] . وأما إذا لم يعلم حكم شرعا ، فكيف يمكنهم القول بأن الأصل ثبوت الحكم شرعا إلى أن يثبت عدم ثبوته شرعا ؟ ! فإن قلت : ربما نراهم يتمسكون بهذا الأصل ، فما لم يعلم حكمه يثبتون به حكمه . قلت : لعل المراد من الدليل مثل العمومات . ولو ظهر أن مرادهم غيره ، فلا شبهة في توهم المتمسك ، إلا أن يريدوا منه مجرد قراءة صيغة تلك المعاملة ، وإعطاء كل واحد من المتعاملين ما له بطيب نفسه منه ، فمنعهما عن الأمرين [2] تكليف لم يثبت من الشرع ، والأصل عدمه ، والأصل براءة ذمتهما . مع أن " الناس مسلطون على أموالهم " ، كما ورد في النص [3] ، وورد أيضا " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه " [4] .
[1] لاحظ ! بحار الأنوار : 65 / 200 الحديث 4 و 71 / 165 الحديث 29 و 72 / 196 الأحاديث 11 - 16 . [2] في ب : ( فإن منعهما عن الأمرين ) . [3] عوالي اللآلي : 1 / 222 الحديث 99 و 2 / 138 الحديث 383 و 3 / 208 الحديث 49 . [4] عوالي اللآلي : 2 / 113 الحديث 309 .