مضافا إلى ما عرفت من أن الحيلة لا تتأتى في الأحكام الشرعية ، بل تتأتى في موضوعات الأحكام ، فلا يمكن تحقق الحيلة بعنوان الشرط ، كما عرفت من أن المنفعة المحرمة لو كانت شاملة للمعاملة المحاباتية فلا يمكن الحيلة ، وإلا فلا تتحقق الحيلة ، بل هو تخصيص أو تقييد وحكم على حدة . وهؤلاء الأعلام يدعون أن حيلتهم ليست بحيلة بل يسمونه حيلة ، وإلا ففي الواقع حكم شرعي برأسه ، مع أن الظاهر من أخبارهم كونها حيلة ، سيما رواية الديلمي . وأيضا ، أمثال هذه الأخبار لا تلائم ما ادعاه هؤلاء الأعلام من احتمال الكراهة في الأخبار المخالفة لهذه الأخبار ، إذ كيف يصير أنهم ( عليهم السلام ) في الأخبار الصحيحة يقولون : من أقرض ورقا فلا يشترط شرطا سوى ورقه الذي أعطاه [1] . وفي القرض والسلم يقولون : " لا يصلح ، إذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح " [2] ، بهذا التأكيد يقولون ، بل في استحلال الربا في البيع [3] قالوا ما به يظهر أنه في أعلى درجات الحرمة . . إلى غير ذلك مما مر . وفي هذه الأخبار يقولون : لا بأس مطلقا ، لأنه نكرة في سياق النفي ، ولا يكتفون به أيضا ، بل يقولون : نحن أيضا نفعله ، وحاشاهم ( عليهم السلام ) أن يكونوا ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وممن يقولون ما لا يفعلون ، ويعظون بما لا يتعظون ، وينهون عما لا ينتهون . ثم إنه من التأمل في جميع ما ذكرناه ظهر حال رواية عبد الملك من أن
[1] وسائل الشيعة : 18 / 357 الحديث 23840 ، وفيه : ( من أقرض رجلا ورقا فلا يشترط إلا مثلها . . ) . [2] وسائل الشيعة : 18 / 356 الحديث 23838 . [3] في النسخ : ( الربا والبيع ) ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه .