وأيضا ، ورد أخبار كثيرة في أن الفارق بين الحلال والحرام هو الشرط ليس إلا [1] ، والحمل على التقية طرح للخبر لا يرتكب مهما أمكن ، مع أن التأكيدات التي في الخبر لا تلائم التقية ، فتأمل . مع أنه ربما يظهر من " نهج البلاغة " عدم التقية في ذلك [2] ، مع أن فقهاءنا ما نقلوا عن العامة سوى أنهم يجعلون العادة بمنزلة الشرط ، وهذا ظاهر في عدم المخالفة بين الخاصة والعامة في المقام ، فتأمل جدا . ومنها : ما رواه الصدوق في " الفقيه " - مع ضمانه صحة ما فيه [3] - عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : " يا أيها الناس الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر ، فإن للربا في هذه الأمة دبيبا أخفى من دبيب النملة " [4] . وغير خفي أن الربا عند هؤلاء الأعلام حرمته منحصرة فيما هو ضروري الدين ، يعرفه جميع المسلمين ، بل وغيرهم من أهل العرف واللغة ، لأنه من المعاملات كالبيع والهبة ، فلذا كانوا يقولون : * ( إنما البيع مثل الربا ) * [5] ، فإن هؤلاء الأعلام بمجرد تزوير وحيلة للخروج عما هو حرام بالبديهة ، يحكمون بعدم الحرمة البتة . وأين هذا من الخفاء ، بل وكونه أخفى من دبيب النملة ، ومن الحث الشديد ،
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 18 / 190 الأحاديث 23463 و 23464 و 23465 و 23469 . [2] نهج البلاغة - المطبوع ضمن المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة - : 82 الخطبة 156 . [3] لاحظ ! من لا يحضره الفقيه : 1 / 3 . [4] من لا يحضره الفقيه : 3 / 121 الحديث 519 ، وسائل الشيعة : 17 / 381 الحديث 22794 ، وفيه : ( يا معشر التجار ، الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر ، والله للربا في هذه الأمة دبيب أخفى من دبيب النمل على الصفا . . ) . [5] البقرة ( 2 ) : 275 .