الطمع ، سيما مع كون نظر آكلي الربا إلى المشارطة ، لا يرضون بغيرها ، وخصوصا إذا لم يكن في المعاملة كراهة أيضا ، كما يظهر من هؤلاء الأعلام . ومنها : الخطبة المذكورة في " نهج البلاغة " : " أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : يا علي ، إن القوم سيفتنون بأموالهم - إلى أن قال - : يستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة ، والأهواء الساهية ، فيستحلون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع " [1] . وفي خبر آخر ، ذكره شراح " نهج البلاغة " : " إن القوم ستفتن من بعدي ، فيؤول القرآن ، ويعمل بالرأي ، ويستحل الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ، ويحرف الكتاب عن مواضعه " [2] . فلاحظ كل واحدة من الخطبتين من أولهما إلى آخرهما ، حتى يحصل العلم لك بعدم إمكان التأويل بالحمل على الكراهة ، وعدم إمكان الحمل على التقية ، مع أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما كان يتقي ، سيما في مثل ما نحن فيه . وربما يحصل العلم بصدورهما عن المعصوم ( عليه السلام ) ، بل الظاهر ذلك بعد ملاحظة الخطبة . والدلالة في غاية الوضوح ، بل عند التأمل يظهر أنه الذي حلله هؤلاء الأعلام لا غير . وعلى تقدير العموم ، خرج منها الحلية في الربا البيعي ، لمجرد تصحيح المعاملة
[1] نهج البلاغة ( بشرح محمد عبده ) : 337 الخطبة 149 ، وسائل الشيعة : 18 / 163 الحديث 23394 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 9 / 206 الخطبة 157 ، وفيه : ( إن أمتي ستفتن من بعدي ، فتتأول القرآن ، وتعمل بالرأي ، وتستحل الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ، وتحرف الكتاب عن مواضعه . . ) .