ومما يدل عليه ، ما سنذكر من حمل الفقهاء صحيحة يعقوب بن شعيب على صورة الشرط . ومما يؤيد أيضا ، أنهم ذكروا الحيلة لجعل المدة في القرض لازمة بأن تجعل شرطا في عقد لازم [1] ، ولم يتعرض واحد منهم لذلك بالنسبة إلى النفع أصلا . ومما يؤيد [2] أيضا ، أن غير المصرحين والمظهرين لم يذكروا لهم اصطلاحا في لفظ النفع في المقام ، ولم يشر إلى ذلك غيرهم أيضا ، بل لا شك في أنهم ما غيروا لغتهم فيه ولا أحدثوا اصطلاحا أصلا في ذلك ، مع أنهم يسمون المعاملة محاباة ، والمحاباة بعينها منفعة ، مع أنهم في كتاب الربا يذكرون الحيلة ، وفي كتاب القرض اتفقوا على الحكم بالتحريم مطلقا ، واستثنوا صورة التبرع خاصة ، من دون تعرض إلى حيلة أخرى ، وذلك لأنهم في حيلة الربا يشترطون أن لا تقع مشارطة فيها ، ولا يبقى سوى التبرع . ومما يشهد ، أن المظهرين والمصرحين في كتبهم المختصرة وافقوا غيرهم في الإطلاق المذكور ، فعلم أن مرادهم ما يطلق عليه لفظ النفع لغة وعرفا مطلقا ، لأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته وحمل المطلق على إطلاقه ، سيما كلام الفقيه في مقام فتواه ، إذ معلوم - حينئذ - أن مراده ما هو نفع عند الناس ، حيث ما ينبه على خلاف ذلك ، خصوصا مع اتفاق كلهم في مقام الفتوى على الإطلاق إلا قليلا منهم ، وذلك القليل أيضا صرح بالعموم والشمول لتلك المعاملة ، والشراح صدر منهم ما صدر . . إلى غير ذلك مما مر وسيجئ [3] . ومعلوم - بعنوان اليقين - أن المعاملة المحاباتية نفع عند الناس ، فاستعلم الحال
[1] لاحظ ! جامع المقاصد : 5 / 25 ، مجمع الفائدة والبرهان : 9 / 82 ، مفتاح الكرامة : 5 / 54 . [2] في ألف ، ب : ( ومما يدل ) . [3] ستأتي في الصفحة 260 من هذا الكتاب .