وأين دلالة هذه الرواية من دلالات الصحاح والمعتبرة ؟ ! وأين شيخ من الشيوخ بالنسبة إلى جل مشايخنا القدماء ؟ ! ومع جميع ذلك ، ما ذكرت من اتفاقهم على تخصيص القرآن بخبر الواحد كذب محض ، وفرية بلا مرية ، كيف وكلماتهم في كتبهم الأصولية وغيرها تنادي بفساد ذلك ، وأن جمعا منهم لا يرضون بذلك ويقولون : لا يجوز [1] ، ويستدلون على ذلك ، ويصرح بعضهم بأن خبر الواحد إنما يكون حجة في موضع لم يكن له دليل [2] ، ومع وجود القرآن - الذي هو أقوى الأدلة - كيف يكون حجة ، سيما وأن يعارض القرآن ويغلب عليه ؟ ! لأن حجية خبر الواحد خلاف الأصل ، وخلاف مقتضى الآيات والأخبار المتواترة الدالة على عدم حجية ما يحتمل الخطأ ، وما ليس بيقين ، وغير ذلك . وحجيته عند هؤلاء لا تتم إلا في موضع يحتاج إلى معرفة حكمه من دليل ولم يكن دليل يدل . وأما غيرهم ، فيقول : خبر الواحد خبر من يجوز عليه الخطأ عمن يجوز عليه الخطأ عمن يجوز عليه الخطأ ، وهكذا إلى أن يصل إلى المعصوم ( عليه السلام ) ، إن الله تعالى قال كذا . هذا أقل ما يكون في الخبر ، وإلا فاحتمال الكذب وغير ذلك موجود فيه بلا شك ولا شبهة ، بل ظهر ذلك من الأخبار منها : الصحيح السابق [3] وغيره . وأين هذا من قول الله اليقيني والقطعي الصادر منه تعالى بلا شك ولا شبهة ؟ !
[1] لاحظ ! معارج الأصول : 96 ، معالم الأصول : 140 . [2] لاحظ ! معارج الأصول : 96 ، معالم الأصول : 141 . [3] أي : حديث يونس بن عبد الرحمان آنف الذكر .