وأن ماذا قدم [ فقهاؤهم ] يجب تركه [1] . وهذا يقتضي الحكم بما هو مستند المشهور ، لأن هذه الأخبار موافقة لهم [2] ، ومستند المشهور مخالف لهم ، بل ليس إلا ردا عليهم . بل يظهر من بعضها أن ما هو أوفق بمذهبهم وطريقتهم يجب تركه وما إليه حكامهم أميل وقضاتهم [3] ، وما هو أبعد منهم يجب الأخذ به . وأما الغلبة ، فلبناء العرف غالبا على التغيير ، كذلك يقول : هذا كذا ، ويريدون الغالب . وأما الشرع ، فطريقة مكالماته طريقة العرف ، ألا ترى أنه يقول : المني دافق [4] ، و : الحيض أسود والاستحاضة أصفر [5] ، و : الوجه من قصاص شعر الرأس إلى الذقن [6] . . إلى غير ذلك مما لا يمكن إحصاؤه ، يريد في كل ذلك أن الغالب كذا . فلو قيل بأن مراده ( عليه السلام ) كون الهلال قبل الزوال لليلة الماضية بحسب الواقع يلزم الكذب الصريح ، لما عرفت - حاشاه عن ذلك - ولا شبهة في استحالته . فلا جرم إما هو تقية ، أو الحكم على سبيل الغالب . ولا شك في أنه إن قال صريحا أنه في الغالب لليلة ، لم يكن إلا إخبارا عما في الواقع ، ولا يلزم أن يكون فيه ثمر شرعي أصلا ، وعلى تقدير اللزوم فثمرته ثمر المظنة ، كما عرفت ، ولا شك
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 27 / 106 الباب 9 من أبواب صفات القاضي . [2] في الأصل : ( بما هو مستند المشهور ، لا هذه الأخبار وموافق لهم ) ، ويبدو أن ما أثبتناه هو الأصوب . [3] في الأصل : ( وما إليه أحكامهم أميل وقضاؤهم ) ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه . [4] لاحظ ! وسائل الشيعة : 2 / 196 الحديث 1912 . [5] لاحظ ! وسائل الشيعة : 2 / 275 الحديث 2133 . [6] لاحظ ! وسائل الشيعة : 1 / 403 الباب 17 من أبواب الوضوء .