نعم ، الصدوق ( رحمه الله ) في " المقنع " اعتبر الغيبوبة بعد الشفق ورؤية ظل الرأس [1] ، ورواية أبي علي بن راشد رد عليه ، مضافا إلى الإطلاقات والعمومات ، وغيرهما مما أشرنا ، والاحتياط واضح ، والحمد لله [2] . فإن قلت : يمكن أن يكون مراد المعصوم ( عليه السلام ) أنه [ إذا ] رئي الهلال قبل الزوال يكون شرعا حكمه حكم ما إذا رئي في الليلة الماضية ، وإن كان خروج الشعاع بعد المغرب . قلت : الهلال اسم للقمر الخارج عن الشعاع ، أي القدر الخارج عنه المضئ في الليلة الأولى والثانية أو الثالثة ، وهذا أمر واقعي ، وكذا قوله : " فهو لليلة الماضية " ، فإن الضمير راجع [ إلى الهلال ] ، واللام للاختصاص ، ومعنى الليلة الماضية أيضا معلوم ، وكل ذلك معان واقعية . وليس ما ذكرت من قولك : حكمه حكمه ، وكذا قولك : شرعا ، مذكورين في العبارة ، ولا مدلولين لتلك العبارة لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما بحسب اللغة ولا بحسب العرف ، وإن شئت فاعرض العبارة على أهل العرف حتى يحصل اليقين بما ذكرنا . نعم ، ربما يكون ما ذكرت تأويلا آخر ، وتوجيها ثالثا بملاحظة ما ذكرنا من أنه ليس كذلك بحسب الواقع - على حسب ما عرفت - على حسب ما حكم به الوجدان وأقوال جميع العلماء والعارفين ، وغير ذلك من جميع ما مر . ومع ذلك ، التوجيهان اللذان ذكرتهما - أعني الحمل على التقية أو المظنة والغلبة - أقرب من هذا التوجيه .
[1] المقنع : 183 . [2] وردت في ب ، ج : ( الحمد لله رب العالمين ، تمت الرسالة بعون الله تعالى ) ، ولم يرد ما بعد هذه العبارة في هاتين النسختين .