وينبه على [ ذلك ] أن الإمام ( عليه السلام ) لم يستفصل من يزيد أن نبيذهم هل هو من المسكر أم لا ، فلعله لم يكن من المسكر ولم يحتج إلى الإنكار . وبالجملة ، لا خفاء في أن نبيذهم كان مسكرا ، فالشرط وارد مورد العادة ، ومثله لم يكن له مفهوم حجة ، وأحتمل أن يكون الغرض [ من ] الكذب مثل قول الناس : إن كان قول الله صدقا فكذا ، أو يكون شرطهم مقصورا في القليل ، بناء على أن كثيره يسكر وكانوا يحترزون عن السكر ، ويظهر ذلك من الأخبار المتعددة فيها [1] . وكذا أنه بعد ما نقل الصادق ( عليه السلام ) قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : " كل مسكر حرام " قال له الرجل : إن من عندنا يقولون : عنى بذلك القدح [ الذي ] يسكر [2] . الحديث ، ولعل [ هذا ] هو السرفي أن الأكثر [3] تعرضوا لهذا المعنى من دون منشأ . سلمنا ، لكن المفهوم لا عموم له عند المحققين . وبالجملة ، فرق بين أن يقول : إن كان يسكر فلا تشرب ، وإن كان كثيره يسكر فلا تشرب قليله . ومن أدلته ، رواية وفد اليمن حين بعثوا جمعا منهم ، فسألوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن النبيذ ، فقال : " وما النبيذ ؟ " ، فقال : يؤخذ ماء التمر فيطبخ فإذا انطبخ ألقوه في إناء آخر [4] وصفوه ثم يصب عليه من عكر ما كان قبله ، ثم يهدر ويغلى ، ثم يسكن على عكره ، فقال : " قد أكثرت علي أفيسكر ؟ " قالوا : نعم ، قال : " حرام " ، ثم رجع الوفد إليه ( صلى الله عليه وآله ) فسألوه مشافهة فكان السؤال والجواب على
[1] لاحظ ! وسائل الشيعة : 25 / 336 الباب 17 من أبواب الأشربة المحرمة . [2] لاحظ ! الكافي : 6 / 409 الحديث 11 ، وسائل الشيعة : 25 / 339 الحديث 32068 . [3] في النسخ الخطية : ( في أن أكثر ) ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه . [4] في النسخ : ( ألقوه وأما آخر ) ، وما أثبتناه في المتن هو الموافق للمصادر .