وعلى تقدير القابلية ، فلا وجه للتوجيه والتأويل ثم الطعن بأن الحكم بالنجاسة لا دليل له ، وكذا الحكم بوجوب حد الشرب ، مع أن الثاني مسلم الكل ، والأول حكم به معظم الفحول وأكثر الفقهاء المتدينين الورعين المحتاطين في الفتوى ، سيما القدماء الذين فتواهم مقرون على النصوص ، وعارون عن الاجتهادات والأقيسة . ومما ذكرنا ظهر فساد باقي أدلة هذا الفاضل ، إذ من [1] جملة أدلته الأخبار الواردة في باب أصل تحريم الخمر مدعيا ظهور انحصار حكاية ذهاب الثلثين في العنب . وفيه - مضافا إلى ما عرفت - أن الانحصار غير ظاهر ، إذ إثبات الشئ لا ينفي ما عداه ، مع أن في بعض النسخ موضع " الحبلة " " النخلة " [2] ، وهذا أيضا مما [ يضر ] بالاستدلال . فإن قلت : لما كان في الخبر الآخر موضع " الحبلة " " الكرم " [3] ، عين هذا فساد تلك النسخة ، لأن الحكايتين في منازعة نوح مع الشيطان . قلت : يجوز أن يكون نزاعه معه وقع في التمر أيضا ، كما وقع نزاعه مع آدم وحواء ، حيث وقع في التمر أيضا . فإن قلت : الأقرب كون الحكايتين لمحكي واحد . [ قلت ] : الأقرب أن يكون نزاعه مع آدم وحواء أيضا كذلك ، على أنا نقول : الوارد في نزاع نوح لفظ " الكرم " و " الحبلة " ، فمن أين ظهر الحصر في العنب حتى يدل أن الزبيب ليس كذلك .
[1] في النسخ : ( أو من ) ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه . [2] لاحظ ! مرآة العقول : 22 / 249 الحديث 3 . [3] لاحظ ! الكافي : 6 / 395 الحديث 4 .