نام کتاب : الرسائل الفقهية نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 179
الأصل في هذا المقام التحريم لا الإباحة . أقول : وهل الكلام إلا في ثبوت هذا العموم ، وكونه مراداً من هذا الخبر المستفيض ، فان القوم لم يقولوا بثبوته وكونه مراداً منه ، ولذلك لم يحكموا بالتحريم على الاطلاق في موضع ثبت فيه تحقق الرضاع الشرعي المحرم ، فان الخبر لم يفد العموم ولم يدل على النشر مطلقاً ، بل أفاد التحريم المتعلق بخصوص المرتضع ونسله . وحينئذ فلا تخصيص ولا استثناء حتى يحتاج إلى إقامة دليل شرعي مخصص ومثبت ، لأنهما فرعا العموم ولا عموم هنا كما مر لما مر ، والكلام في كون الأصل هنا التحريم ، وفي وجدان ما يتضمن في الشريعة خلاف الإباحة والبراءة والاستصحاب ، وفي كون مرجعها جميعاً واحداً هذا الكلام ، فإنهم لم يقولوا بشيء من ذلك ، وخاصة بكون مرجع الثلاثة واحداً ، فان أصل براءة الذمة وكونها حجة مما لم يخالف فيه أحد كما سبق . وأما الإباحة الأصلية والدليل على حجيتها أن تكليف الحكيم بالاجتناب وعدم البيان عند الحاجة شيء لا يجوز العقل نسبته إليه ، فما لم يظهر حرمة أمر بخصوصه أو باندراجه في وصف جعله الشارع علامة للحرمة فالظاهر فيه الحلية ، وهذا هو المراد بكون الأصل في الأشياء الإباحة . فللإمامية [1] فيه ثلاثة أقوال ، فكيف يكون مرجعهما واحداً ، وأحدهما وفاقي والأخر خلافي . فجماعة منهم المرتضى على أن الأشياء الغير الضرورية مما لا يدرك العقل قبحها كشم الورد غير محرمة عقلا ، إذ هي منافع بلا مفسدة والأذن في التصرف معلوم عقلا ، كالاستظلال بجدار الغير ، وبعضهم كالمفيد على التوقف ، وبعضهم على التحريم .