السائل . فقلت : ربّما كانا موافقين لهم ، أو مخالفين ، فكيف أصنع ؟ فقال : « خذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط » [1] . وأنت خبير بأنّه لم يأمر بالاحتياط إلَّا مع التساوي في جميع وجوه التراجيح ، وما هنا ليس كذلك إذ الجهر موافق لشعار الإماميّة ، ومخالفٌ لتلك الفرقة الغويّة . نعم ، لو اشتركا فيه اتّجه ما قاله ، وليس فليس . ومن الثاني : مكاتبة عبد الله بن وضّاح ، قال كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام : يتوارى القرص ويقبل الليل ، ثمّ يزيد الظلام ارتفاعاً ، وتستتر عنّا الشمس ، وترتفع فوق الجبل حمرة ، ويؤذّن المؤذّنون ، فأصلي حينئذٍ وأفطر إنْ كنت صائماً ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل ؟ . فكتب عليه السلام إليَّ : « أرى لك أنْ تنتظر حتّى تذهب الحمرة ، وتأخذ الحائطة لدينك » [2] . وصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سألتُ أبا الحسن عليه السلام عن رجلين أصابا صيداً وهما محرمان ، الجزاءُ عليهما ، أم على كلّ واحدٍ منهما ؟ قال : « لا ، بل عليهما أنْ يجزي كلّ واحد منهما عن الصيد » . قلت : إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك ، فلم أدرِ ما عليه ، فقال : « إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط » [3] . ولا يخفى أنّ مورد المكاتبة هو اشتغال الذمّة بالصيام والصلاة في وقتها ، ولا يحصل يقين البراءة بالإفطار والصلاة قبل زوال الحمرة لاحتمال عدم دخول الوقت ، واستصحاب بقاء النهار . وعند زوالها يحصل يقين البراءة إنْ لم يحكم بمجرّد الاستتار . فموردها توقّف البراءة على أمر واحد ممكن الحصول ، وما نحن فيه ممّا توقّف فيه اليقين على الإتيان بأمرين متباينين ، ولا يخفى الفرق في البين على ذي عين .