ففيه : أنّه إمّا أن يريد انحصار الإخفات في الظهرين مطلقاً ، والجهر في البواقي مطلقاً ، كما يظهر من أوّل كلامه ، أو انحصارهما في الأوّليّات كما يقتضيه آخره . وكلاهما خلاف مرامه ، إذ على الأوّل يلزمه عدم جواز الجهر في الظهرين مطلقاً ، وعدم جواز الإخفات كذلك ، وكلاهما خلاف الإجماع منقولًا ومحقّقاً . وعلى الثاني يلزمه التزام التخيير بين الجهر والإخفات في جميع الركعات الأُخريات ، وهو وإنْ التزمه في التسبيح لكنّه مطالب فيه وفي الفرق بين التسبيح والقراءة بالدليل الصريح التام ، وقد عرفت عدم مدخليّة التعيين والتخيير في الجهر والإخفات . وأمّا قوله : ( فقد صار المراد بالجهر الركعتين الأُوليين دون الآخرتين ) ، فقد عرفت بناءه على شفا جرفٍ هارٍ ، فيسقط عن درجة الاعتبار ، مع أنّه يلزمه سقوط الصبح من البين لعدم دخولها في موضوع الأوليين . فظهر أنّ دليله قاصر ، وحصره غير حاصر . وأمّا قوله : ( ولا خلاف بيننا في أنّ الصلاة الإخفاتيّة لا يجوز فيها الجهر بالقراءة ، والبسملة من جملة القراءة ، وإنّما ورد في الصلاة الإخفاتيّة التي تتعيّن فيها القراءة ) . ففيه : أوّلًا : أنّه مجرّد تطويل بلا طائل ، ولا يرجع إلى نائل ، فإنّ مقتضى النصّ العامّ الدالّ على الجهر بها مطلقاً في جميع الصلاة ، ومن حيث هي في جميع الأحوال ، كخبر علامات المؤمن [1] وغيره ، شمول الجهر بها للأخيرتين ، ومدّعي التخصيص عليه الدليل ، إذ التخصيص بلا مخصّص مرعى وبيل ، وقد عرفت عدم المدخليّة للتعيين والتخيير في الجهر والإخفات . وثانياً : أنّ نفيه الخلاف محض جزاف وخراف ، فانّ قبله ابن الجنيد والسيّد المرتضى وجماعة من متأخّري المتأخّرين كما في ( شرح المفاتيح ) قائلون بالتخيير وعدم وجوب الجهر والإخفات في مواضعهما . قال السيّد المرتضى نقلًا عنه في ( المصباح ) : ( هو يعني الجهر والإخفات من