ولا يخفى أنّ هذه الأخبار تقتضي بظاهرها التحريم ، ويؤيّده تنزيله في صحيح هشام منزلة مَنْ هو أي الحدث في ثيابه ، ونفيه القبول في خبري ( الفقيه ) و ( المعاني ) . إلَّا إنّ بإزائها صحيح عبد الله بن الحجّاج ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه ، وهو يستطيع أنْ يصبر عليه ، أيصلَّي على تلك الحال ، أو لا يصلَّي ؟ فقال : « إنْ احتمل الصبر ولم يخف إعجالًا عن الصلاة ، فليصلِّ وليصبر » [1] . وخبر الحضرمي الحاصر لقواطع الصلاة في أربعة : الخلاء ، والبول ، والريح ، والصوت [2] . مع أنّ علَّامة ( المنتهى ) [3] نقل الكراهة عن كلّ مَنْ يُحفظ عنه العلم ، ونقل إجماع علمائنا أجمع على أنّ الحاقن لو صلَّى صحّت صلاته . فلذا حملوا النهي في خبر الحضرمي على الكراهة ، ونفي الصلاة في الصحيح الهشامي على نفي الكمال ، ونفي القبول في الخبرين الصدوقين على ما هو أعمّ من الإجزاء . وتنزيله منزلة مَنْ هو بثوبه يدفع هذا كلَّه بناءً على عموم المنزلة ، أو الحمل على الأحكام الشائعة للمشتبه به ، إلَّا إنَّ إجماع المسلمين كافّة على خلافه ، فلا محيص عن الحمل للنهي عن الاقتداء به على الكراهة . وأمّا ما في صحيح الفُضَيْل بن يَسَار [4] ، وخبر أبي سعيد القماط [5] ، من الأمر لمن وجد في بطنه غمزاً ، أو أذى ، أو عصراً من البول أو ضرباناً ، بالانصراف والتوضّؤ ، والبناء على ما مضى من صلاته ، وأنّه كمن تكلَّم ناسياً . فهو صريحٌ في التقيّة ، الموجبة لطرحه بالكليّة ، من غير تكلَّفٍ بحمله على أحد تلك الوجوه القصيّة ، مع أنّ النصّ والإجماع حاسمان لمادّة النزاع .