في الآثار ، كما لا يخفى على مَنْ جاس خلال الديار . وحينئذٍ ، فلا بدّ في صرفها عنه من دليل ، وليس فليس ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار . على أنّ في الكتاب وبعض الأخبار ما يعطي كونها حقيقة فيه ، كما في قوله تعالى : * ( وما يَنْبَغِي لَهُ ) * [1] ، وقوله تعالى : * ( وما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ) * [2] ، وقوله تعالى : * ( وما يَنْبَغِي لَهُمْ وما يَسْتَطِيعُونَ ) * [3] . وكصحيح زرارة ، عن الباقر عليه السلام ، قال : « لا ينبغي نكاح أهل الكتاب » . قلتُ : جعلت فداك وأين تحريمه ؟ قال عليه السلام : « قوله تعالى : * ( ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) * [4] » [5] . ألا ترى كيف فهم زرارة من مجرّد تلفّظ الإمام عليه السلام بها التحريم من غير توقّف ، وإنّما سأل عن دليله ، والتبادر أمارة الحقيقة . الثاني : أنّ كونها قرينة على إرادة الكراهة من ذينك الصحيحين ليس أوْلى من جعلهما قرينة على إرادة الحرمة منها ، بل الصواب العكس بلا مَيْنٍ . وعن الثاني بالفرق بين عدالة الشاهد وإمام الجماعة ، لا سيّما الواجبة ، فإنّ الشهادة تقبل من ناقص المنزلة في القلوب بكثرة التطرّق ، والأكل في الأسواق ، ومزاولة الدني من الصناعات . وإمامة الصلاة متوقّفةٌ على الاتّصاف بما يوجب ميل النفوس إليه ، وإقبال القلوب عليه . ولذا ورد المنع من إمامته مع كراهة المأمومين له مع عدالته ، كما في خبر ( المعاني ) : « ثمانيةٌ لا يقبل الله لهم صلاة . . » وعدّ منهم : « إمام قوم وهم له كارهون » [6] . وكره إمامة مَنْ تناله الألسن لذلك ، ولمنافاته الإقبال الذي هو روح الأعمال . فظهر أنّ قبول شهادته لا يستلزم جواز إمامته ، إلَّا أنّه إنّما يتمّ على عدم اشتراط المروّة في العدالة مطلقاً ، وعلى الفرق بين عدالة الشاهد والإمام كما اختاره بعض