ومعلوم أنّ الإنسان إذا كان مفتخراً بأبيه ، غير مستنكفٍ منه ، فإنّه يعلن بذكره ، ويبالغ في إظهاره . أمّا إذا أخفى ذكره أو أسرّه ، دلّ ذلك على كونه مستنكفاً منه ، فإذا كان المفتخر عليه يبالغ في الإعلان والإظهار ، وجب أن يكون إعلان ذكر الله أوْلى ، عملًا بقوله تعالى : * ( فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) * [1] ) [2] . انتهى . ولا يخفى أنّ ما ذكره من هذا التعليل والاستحسان يقتضي استحباب الجهر بالبسملة في مواضع الإسرار كالإعلان ، كما يقوله علماؤنا الأعيان ، فلا وجه لقصر الجهر على مواضع الإجهار ، فاعتبروا يا أولي الأبصار . وإنّما أوردناه ليكون حجّة على أصحابه الموجبين للإسرار ، مع أنّه منافٍ لما يذهبون إليه من الاستدلال بالاستحسان والاعتبار ، وأمّا نحن ففي غُنْيةٍ بما عندنا من كلمات أئمّتنا الأبرار ، خزنة الأسرار ، المعصومين من الأرجاس والآصار . 8 - ومنها : ما رواه رئيس المحدّثين الصدوق قدس سره في كتاب ( الخصال ) ، بسنده المتّصل إلى الأعمش ، عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، قال : « هذه شرائع الدين لمن تمسّك وأراد الله هداه : إسباغ الوضوء كما أمر الله عزّ وجلّ في كتابه الناطق ، غسل الوجه واليدين إلى المِرْفقين ، ومسح الرأس والقدمين إلى الكعبين ، مرّة مرّة . . إلى أن قال عليه السلام - : والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجبٌ » [3] . ونقله المحدّث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي من كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) ، ولا يخفى أنّه سهوٌ واضح . 9 - ومنها : قول سيّد الموحّدين عليه السلام في الخطبة المتقدّمة : « وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم » [4] . وفي بعض النسخ : « وأمرت . . . » . أقول : دلّ هذا الخبر على تأكَّد الاستحباب ، المعبّر عنه في كثيرٍ من الأخبار كما