لكنّ كلامه في كتابه ( الكافي ) على ما وجدته فيه ظاهرٌ في تحريم الجهر في ما عدا الأُوليين ، فإنّه بعد ذكر وجوب الحمد والسورة مع الإمكان ، والحمد وحدها مع الاضطرار ، عيناً في أُوليي الرباعيّة والمغرب وصلاة الغداة والعصر ، وعلى جهة التخيير في أخيرتي الرباعيّة وثالثة المغرب بين الحمد وحدها وبين التسبيحات الاثني عشر ، قال ما لفظه : ( ومن شرط القراءة وصحّة الصلاة فعلها من قيام مع الإمكان ، ويلزم الجهر بها في أُوليي المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة ، وببسم الله الرحمن الرحيم في أُوليي الظهر والعصر في ابتداء الحمد والسورة التي تليها ، والإخفات في باقي الركعات ) [1] . . إلى آخر كلامه ، زيد في إكرامه . وهو ظاهرٌ في تحريم الإخفات في الأخيرتين . فالجمع بين كلامه هنا ، وبين نقل ذينك الثقتين إمّا بعدم وقوفهما على كلامه في كافيه ، أو بفهم الوجوب من موضع آخر من كتبه ، أو من كتابه هذا نظراً إلى أنّه لمّا استفاد من أخبار الأمر بالجهر الوجوب اقتضى ذلك قاعدة كلَّيّة ، وهو أنّه كلَّما وقعت البسملة في الصلاة الإخفاتيّة وجب الجهر بها في الأُوليين والأخيرتين على السويّة ، إلَّا إنّه لمّا كانت قراءة الأُوليين عينيّة حتميّة لا بدل لها في الاختيار بالكلَّيّة وكانت هي الفرد الذي يعمّ به البلوى كان التنبيه على حكم بسملتها أليق وأحرى ، وأعمّ فائدة وجدوى . ولمّا كانت قراءة الأخيرتين ليست عينيّة حتميّة بل يقوم التسبيح مقامها على جهة التخيير أو البدليّة ، بل كان بدلها الذي هو التسبيح أكثر تداولًا لأفضليّته عليها ، كما هو المشهور المنصور كانت القراءة فيها غير لازمة الوقوع ، فلم يكن لتخصيصها بالذكر مزيد فائدة ، مع التنبيه على حكمها بمقتضى تلك القاعدة . بل ربّما يحتمل أيضاً احتمالًا مرجوحاً موافقته للمشهور في الأخيرتين وإنْ خالفه في الأُوليين ، ولهذا تراهم عند ذكر الخلاف يبدؤون بالقول المشهور ثمّ يخصّون ما يخالفه بالذكر ويتركون ما يوافقه ، ألا تراهم عند ذكر قول ابن إدريس إنّما يذكرون الشقّ المخالف للمشهور ، وهو تخصيص الاستحباب بالأُوليين ، وعند ذكر