وقال في ذكر مذهب ابن إدريس ما لفظه : ( وقال بعض المتأخّرين : ما لا تتعيّن فيه القراءة لا يجهر فيه لو قُرِئ . وهو تخصيص لما نصّ عليه الأصحاب ، ودلَّت عليه الروايات ) [1] . . إلى آخره . فانظر كيف نسبه في الموضعين للأصحاب ، وهو جمع محلَّى ب ( اللام ) ، فيفيد العموم مطلقاً . وقال العلَّامة في ( التذكرة ) : ( قال ابن إدريس : ما لا تتعيّن فيه القراءة لا يجهر فيه بالبسملة لو قرأ . وهو تخصيصٌ لعموم الروايات ، وتنصيص علمائنا ) [2] . . إلى آخره . وقال شهيد ( الذكرى ) : ( وتفرّد ابن إدريس باختصاص الاستحباب بأُوليي الظهرين ، لا الأواخر . وهو قول مرغوب عنه ، أمّا أوّلًا فلأنّه لم يسبق إليه ، وهو بإزاء إطلاق الروايات والأصحاب ، بل بإزاء تصريحهم بالعموم ) [3] . . إلى آخره . ولا يخفى على ذي اطَّلاع ظهوره في دعوى حصول الإجماع ، وعدم الاعتداد بذلك النزاع . وقال الشيخ المقداد السيوري في ( كنز العرفان ) : ( أطبق أصحابنا على استحباب الجهر بالبسملة في ما فيه الإخفات ، وأكثر الجمهور على خلافه ) [4] انتهى . ولا يخفى ما فيه من الدلالة على المدّعى ، كما لا يخفى على مَنْ وعى ورعى . وعن ( الخلاف ) نقل الإجماع عليه أيضاً . لكن ظاهر عبارته إرادة الأُوليين ، قال رحمه الله : ( يجب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الحمد وفي كلّ سورة بعدها كما يجب القراءة ، هذا في ما يجب الجهر فيه ، فإنْ كانت الصلاة لا يجهر فيها استحبّ أنْ يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) . ثمّ نقل أقوال المخالفين ، ثمّ قال : ( دليلنا : إجماع الفرقة ، فإنّهم لا يختلفون في ذلك ) [5] . ثمّ استدلّ عليه برواية صفوان . إلَّا أنْ يستفاد العموم من قوله : ( فإنْ كانت الصلاة لا يجهر فيها ) . ولعلَّه خلاف ظاهرها .
[1] التذكرة 3 : 154 ، السرائر 1 : 218 ، بالمعنى . [2] الذكرى : 191 . [3] كنز العرفان 1 : 130 . [4] الخلاف 1 : 332 / مسألة 83 . [5] قد ذكرنا في أصل المسوّدة جملةً جمّة من القائلين بتعميم الاستحباب للُاخريات من المتقدّمين والمتأخّرين والمعاصرين بألفاظهم ، وحذفت ذكرهم هنا لما ذكرنا ، واللَّه العالم . « منه وفّقه اللَّه تعالى » .