أنّ عمدة أدلَّة وجوب الإخفات في الأخيرتين إنّما هو منقول الإجماع ، ودخولها في معقده محطَّ خيام النزاع ، مضافاً إلى أنّ النسبة بين الإطلاقين العموم من وجه ، ولا ريب أنّ إطلاقات الجهر بها أوْلى بالرجحان والاتّباع . وما قيل من أنّه إذا سقط الجهر في موارد وجوبه مراعاةً لجانب الإمام اللائق بالاحترام ، فسقوطه في موارد ندبه أوْلى . غير تامّ لعدم القطع بالأولويّة ، ولما علم من اختصاص البسملة بخصوصيّات لا تجري في سائر أجزاء القراءة الكلَّيّة ، فإنْ ثبت عدم الانصراف ، وإلَّا فللمناقشة مجالٌ وافٍ . هذا ، ولعلّ الإخفات أوْلى ولو للخروج عن الخلاف . وقد صرّح غير واحد من علمائنا الأبرار حشرهم الله مع الأئمّة الأطهار بما يستظهر منه حصول الإجماع على عموم استحباب هذا الإجهار قطعاً للنظر عن خلاف ابن إدريس الحلَّي ، وعدم الاعتداد به لكونه ليس على مبنى جلَّي ، فيسقط عن درجة الاعتبار . قال أمين الإسلام الطبرسي في ( مجمع البيان ) : ( اتّفق أصحابنا أنّها آيةٌ من سورة الحمد ومن كلّ سورة ، وإنْ تركت في الصلاة بطلت صلاته ، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلًا ، وأنّه يجب الجهر بها في ما يجهر فيه بالقراءة ، ويستحبّ الجهر بها في ما يخافت فيه بالقراءة ، وفي جميع ما ذكرناه خلاف بين فقهاء الأُمّة ) [1] . . إلى آخره . وظاهره حصول الإجماع من علمائنا الأعلام على ما ذكره من الأحكام ، التي منها استحباب الجهر بالبسملة في جميع مواضع الإخفات ، وانحصار الخلاف في سائر فقهاء الإسلام . وقال المحقّق في ( المعتبر ) : ( إذا تقرّر أنّها آيةٌ من الحمد ، فحيث يجب الجهر بالحمد يجب الجهر بها ، وحيث يجب الإخفات أو يستحبّ يستحبّ الجهر بها خاصّة . وهو انفراد الأصحاب في الفرض والنفل ، سفراً وحضراً ، جماعة وفرادى . وبه قال الثلاثة ) [2] . انتهى .