خَفِيٍّ » [1] . ونمنع حصول صوت لا يمكن سماعه لأنّ الصوت هو الكيفيّة المتموّجة بالهواء ، الحامل له إلى سماع الأُذن ، إمّا بالقرع أو القلع ، على اختلاف الرأيين [2] . فظهر أنّ حديث النفس ليس قسماً للإخفات لدخوله في حيّز العدم ، وإنّما اكتفي به لضرورة التقيّة ، وذلك أنَّه مخاطب بالصلاة معهم وبالقراءة لنفسه ، فلو أسمعها أفضى إلى الضرر الواجب دفعه ، فجُعِل حكمه الاكتفاء بمثل حديثها تفضّلًا من المولى على مولاه دفعاً للحرج المنفي آيةً [3] وروايةً [4] ولدخولهما في عموم قوله عليه السلام : « إذا أمرتم بشيء فأتوا منه بما استطعتم » [5] إذ : « لا يسقط الميسور بالمعسور » [6] . وإطلاق الخبرين مقيّد بالتقيّة ، حملًا للمطلق على المقيّد . والمستند ما رواه الشيخ صحيحاً عن علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يصلَّي خلف مَنْ لا يُقتدى بصلاته ، والإمام يجهر بالقراءة ؟ قال : « اقرأ لنفسك وإن لم تُسمِع نَفسك فلا بأس » [7] ، ومرسلًا عن محمّد بن أبي حمزة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : « يُجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس » [8] . فظهر أنّ حديث النفس ليس قسماً للإخفات مستمراً في جميع الأوقات ، وإنّما هو قضية في واقعة تفضّلًا من ربّ السماوات دفعاً للضرر المتوقّع من أولئك الطغام الطغاة . فإن قيل : إنّ كلّ شيئين حكم بالتغاير بينهما فلا بدّ من جهة امتياز لكلّ واحد منهما عن الآخر ، وإلَّا لما كانا اثنين . قلنا : إنَّ المراد من الوسط المنفي للإخفات فرد وسط في القوّة والضعف بين فردين أحدهما قويّ والآخر ضعيف ، لا الوسط الذي هو الاعتبار الذهني للشيئين