الأوْلى الأوّل الذي عليه المعوّل ، فالممتنع كون الابتداء بهما حقيقيّا لاستلزامه المحال . الحمد لغة وكيف كان ، فالحمد لغةً : الوصفُ باختياريّ الجميل ، بقصد التعظيم والتبجيل [1] . ومثله المدح اللغوي [2] على القول بترادفهما كما اختاره بعض ذوي التحصيل [3] . وأمَّا على المشهور من التغاير بينهما فيخرج باختياريّ الجميل ، كما يخرج بقصد التعظيم والتبجيل ما كان ثناءً على جهة الاستهزاء والسخرية والتخجيل . اللَّهمّ إلَّا أنْ يقال : إنَّ الوصف على جهة الاستهزاء لا يُسمَّى ثناءً عرفاً لاشتراط الإشعار بالتعظيم في صدق الثناء ، فالخالي عنه إنَّما يسمّى سخريَّة واستهزاءً ، فحينئذ يخرج بقيدي الثناء [ و ] [4] الجميل ، لكنَّه إنّما يتمّ بناءً على المشهور المنصور من أنَّ الثناء حقيقةٌ في الخير فقط ، وأنَّ الوصف بالجميل لا يكون إلَّا بقصد التجليل . أمَّا على القول بمقوليّة الثناء بالاشتراك أو التواطؤ على الخير والشرّ ، وأنَّ الوصف بالجميل لا يستلزم التفضيل ، بل قد يكون على وجه الاستهزاء والتخجيل ، فلا يخرج ذلك عن الحمد ، كما لا يخفى على ذي تحصيل . وقد نُقض هذا التعريف في عكسه بالثناء على صفات الله تعالى حيث قد قيَّد فيه المحمود عليه بالاختياري بالثناء على صفات الله الذاتية ، فإنَّها ليست باختياريّة ، فإنّه تعالى بالنسبة إليها موجب لعدم انفكاك الذات في حال من الحالات ، فلا يجوز الحمد عليها بخلاف الصفات الفعليّة التي يمكن انفكاكها عن الذات كالخلق والرزق ، فإنّها اختياريّة له تعالى فيجوز الحمد عليها .
[1] مجمع البحرين 3 : 39 . حمد ، التعريفات : 42 . [2] مجمع البحرين 2 : 411 . مدح . [3] الكشّاف ( الزمخشري ) 1 : 8 . [4] في المخطوط : ( أو ) .