الناس في مكة والمدينة ، ولذا جاء أمر القرآن الكريم بشجب القروض الرّبويّة على جميع الصعد والمراتب ، وأمر المسلمين بالتوقف عن الاستمرار في هذه المعاملات الماليّة . ثمّ يضيف القرآن الكريم بلحن شديد ، وتهديد جدّي : * ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا - أي إن لم تتركوا الرِّبا وتطيعوا الله ورسوله - فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله ورَسُولِهِ ) * . قد يظن البعض أنّ مفهوم هذه العبارة أنّكم سوف تعلنون الحرب على الله ورسوله ، في حين أنّ جملة : * ( فَأْذَنُوا ) * مع ملاحظة المفهوم اللغوي منها يكون المراد بها أنّ الله ورسوله سوف يعلنون الحرب عليكم ، فيكون معناها ومفهومها هو : أنّ الرسول الكريم في ذلك الزمان سيكون مأموراً باستعمال القوّة العسكرية في حالة ما إذا لم يكفّ المرابون عن عملهم هذا . إجمالا ، لا نجد تعبيراً في آيات القرآن الكريم أشدّ من هذا التعبير بالنسبة إلى أيٍّ من الذنوب والآثام المتصورة ، وهذا يشير إلى شدّة خطر الرِّبا في المنظور الإسلامي وفداحة ضرره . وفي نهاية الآية الشريفة يضيف القرآن الكريم مراعياً الحق والعدالة بقوله : * ( وإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ ) * . وقد جاء في شأن نزول الآيات المذكورة أعلاه أنّ خالد بن الوليد قال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّ أبي كان يتعامل مع قبيلة ثقيف بالرِّبا ، وقد غادر الدنيا ولم يستوف حقّه منهم ، وقد أوصى أن أستلم بقية الأموال التي في ذمة قبيلة ثقيف منهم ، فهل يجوز لي هذا العمل ؟ فنزلت الآيات أعلاه وهي تنهى عن استلام بقية الأرباح المستحصلة من الرِّبا في أيدي الناس ، وفي رواية أخرى