إسم الكتاب : الربا والبنك الإسلامي ( عدد الصفحات : 182)
* ( يَمْحَقُ الله الرِّبا ويُرْبِي الصَّدَقاتِ والله لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) * . هذه الآية تؤكد على أنّ الله تعالى يمحق الرِّبا ويمسخ بركته ويبطل نفعه ويساعد المستضعفين والفقراء والمحتاجين وينمي الإنفاق في سبيل الله ويزيده ويبارك عليه . ( يمحق ) من مادّة ( مَحَقَ ) بمعنى النقصان أو الهلاك ، ولذا يطلق على آخر الشهر ( المِحاق ) ، لأنّ الهلال يكون في هذا الوقت ضعيفاً جدّاً إلى درجة أنّه يختفي عن الأنظار . هناك بحث في أوساط كبار المفسّرين حول هذه الآية الشريفة بالنسبة إلى المقصود من محق الرِّبا ، وهل إنّ المراد به هو فناء العوائد الحاصلة من الرِّبا في هذه الدنيا ، أو أنّه إشارة إلى عدم فائدتها في الآخرة وإن تمّ إنفاقها في سبيل الله وصرفت في موارد الخيرات ظاهراً ؟ كلا المعنيين يمكن أن يكون صحيحاً ، لأنّ التجربة أثبتت أنّ الأموال الحاصلة من الرِّبا ليس لها ثبات ودوام ، ولا بركة فيها ، وأنّ مصير المرابين سوف يكون تعيساً ، وعاقبتهم مزرية وسيئة للغاية في الحياة الدنيا . أمّا مصيرهم في الآخرة فواضح ، فعلى فرض أنّ تلك الأموال أنفقت في سبيل الله فإنّها لا تكون مثمرة ، ولا تعود عليهم بالخير والبركة في حياتهم الأخرويّة ، لأنّ الله تبارك وتعالى لا يتقبّل إلَّا الأموال الطاهرة والحلال ، كما بيّنه المبدأ القرآني : * ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ ) * [1] . إنّ أدنى معطيات الرِّبا هي أنّه يدفع بصاحبه إلى هوّة الفقر والمسكنة ،