إسم الكتاب : الربا والبنك الإسلامي ( عدد الصفحات : 182)
العبارات الشديدة والمذهلة في الآيات والرّوايات الشريفة ، ونعي من ذلك أنّ الإسلام يريد إحاطة المسائل الاقتصاديّة بإطار من المعنويّات ، وأن يجعلها في بوتقة العواطف الإنسانيّة والأخلاقية ، فإنّ الرِّبا والمعاملات الرّبويّة تهدم أصول الأخلاق ، وتجتث جذور العواطف الإنسانية ، وتعرقل جميع أعمال الخير في البشريّة . الخامس : الرِّبا يتنافى مع الحكمة من وجود الأموال . لأنّ الرِّبا سيكون باعثاً على تحوير الغاية من وجود الأموال ، وتحريف شكلها الأصلي من ثمن إلى بضاعة وأجناس ، حيث إنّ المال والثروة في الأصل عبارة عن كونها ثمناً لا مثمناً ، فهي وسيطة في المعاملات ، ووسيلة لتحصيل البضاعة ، لا أنّها بضاعة بنفسها ، إلَّا أنّ الرِّبا يجعل المال بضاعة ، وبذلك يخسر المجتمع أسلوبه الطبيعي في تعامله الاقتصادي . وتوضيح ذلك : أنّ المعاملات الاقتصادية في التاريخ الغابر كانت تجري بين الناس بدون توسط الأموال ، بل كانت على شكل استبدال بضاعة بأخرى ، وهذا الأسلوب لا زال قائماً في القبائل البدويّة أيضاً ، وحتّى إنّه يجري أيضاً بين الدول أحياناً في المعاملات الضخمة والتبادل التجاري الواسع بأن تبيع دولة نفطها في مقابل المنتجات الصناعيّة والزراعيّة للدولة المقابلة ، ولكنّ الإنسان وجد من الصعوبة بمكان الاستمرار على هذا الأسلوب من التعامل التجاري لعدّة ملاحظات : أوّلا : أنّ الأجناس والبضائع لا تقبل أحياناً التبديل إلى بضاعة أخرى ،