نام کتاب : الربا فقهياً واقتصادياً نویسنده : حسن محمد تقي الجواهري جلد : 1 صفحه : 20
فقد ذكر الفخر الرازي موضحا المعاملة التي كانت جارية آنذاك فقال : « اعلم أن الربا قسمان : ربا النسيئة وربا الفضل . أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهورا متعارفا في الجاهلية ، وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا ، ويكون رأس المال باقيا ، ثم إذا حل الدين طالبوا المديون برأس المال ، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل ، فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلة يتعاملون به » [1] . وهذا وإن كان فهما خاصا له إلا أنه يكشف عن معاملة ذلك الزمان بحسب رأيه على الأقل ، كما أن الآثار المتقدمة لم نستفد منها إلا فهمهم الخاص للربا المسمى بالجاهلي . وفي هذا المعنى الذي ذهب إليه الفخر الرازي ما ذكره الجصاص في أحكام القرآن إذ قال « والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به ، ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد ، وإذ كان متفاضلا من جنس واحد ، هذا كان المتعارف المشهور بينهم ولذلك قال الله تعالى * ( وما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ الله ) * فأخبر أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين لأنه لا عوض لها من جهة المقرض » [2] . إذن لم يكن معنى الربا الجاهلي ذلك المعنى الخاص الذي ذكر له ، وإنما له معنى آخر كما تقدم ، وربما يكون معنى « الربا الجاهلي » هو المعنى العام الشامل للتأخير في مقابل الزيادة والقرض بفائدة من أول الأمر ، خصوصا وإن كل أثر لا يحصر معنى « الربا الجاهلي » بما قاله ، فلا مانع من المعنى العام للربا الجاهلي .
[1] مفاتيح الغيب المشتهر بالتفسير الكبير / فخر الدين الرازي 7 / 91 ( طبعة مصر ) المطبعة البهية . [2] ج 1 ص 465 .
20
نام کتاب : الربا فقهياً واقتصادياً نویسنده : حسن محمد تقي الجواهري جلد : 1 صفحه : 20