نام کتاب : الربا فقهياً واقتصادياً نویسنده : حسن محمد تقي الجواهري جلد : 1 صفحه : 346
كيف نشأت المصارف الربوية ؟ أم كيف نشأ الربا ؟ نستعرض هنا سير الربا في ظل النظام القائم لنرى كيف نشأ الربا حتى انتهى إلى ما عليه الآن ، فالربا قد مر بمراحل عديدة هي : 1 - أن المصارف القائمة الآن على العمليات الربوية كان عملها منذ البدء هو قضاء حاجة الناس في تبديل عملة بعملة أخرى ، والارتزاق عن هذا الطريق فكان لا بد لهم من ادخار مقدار من النقود بعملات مختلفة ، وهذا يحتاج بالطبع إلى صناديق حديدية وأقفال محكمة تدخر فيها الأموال لكي تسلم من السرقة . ( وفي عهد الإغريق كانت المعابد هي المصارف التي يودع فيها الأفراد أو الدويلات الإغريقية أموالهم سواء كانت من الذهب أو الفضة لتكون بمأمن من السرقة أو الضياع . ولم تكن تعطي هذه المعابد فوائد للنقود المودعة لديها ) [1] 2 - وعند ما وجدت الصناديق الحديدية والأقفال المحكمة عند هؤلاء الذين يبدلون عملة بعملة أخرى ، أخذ الإقطاعيون وأصحاب الأموال يفكرون في توديع أموالهم عند هؤلاء الصيارفة ، لأنهم يملكون مكانا مأمونا لحفظ هذه الأموال ، فبدؤا يودعون الأموال عندهم لكي تحفظ في صناديقهم بدلا عما كان يصنع فيما سبق من دفن الأموال في جوف الأرض أو الحائط ، وكان هؤلاء الصيارفة يأخذون الأجرة على هذا الحفظ تختلف قلة وكثرة حسب اختلاف المال المستودع ، وكان هذا الصيرفي يكتب ويعطي كل من يودع عنده شيئا من المال سندا يصرح فيه أن من يحمل هذا السند له كذا وكذا من المال وديعة عنده ، ثم أخذت هذه السندات تقوم مقام الذهب نفسه ، فالتعامل بالسندات أسهل على الناس من استرداد الذهب نفسه . 3 - ثم رأى هذا الصيرفي بحسب تجارته أن ما يودع عنده لا يسترجع منه أزيد من العشر عادة ، وتبقى تسعة أعشار المال رابطة في خزائنه ، بل قد يكون ما يسترجع أقل من ذلك إلى أن يصل إلى نسبة واحدة من مائة ، وذلك عند ما لا توجد الحروب بين الإقطاعيين التي تكلفهم سحب شيء من أموالهم وصرفها فأخذ الصيارفة يقرضون تسعة أعشار الودائع إلى التجار مع أخذ الفائدة على القرض نفسه ، بالرغم من أنه لا يملك هذه الأموال ( بل كان هؤلاء الصيارفة يتقاضون أصحابها الأجرة لحفظها في جانب ، ويعطون غيرهم قروضا بالربا في
[1] النقود والبنوك في البلاد العربية فؤاد مرسي ص 30 .
346
نام کتاب : الربا فقهياً واقتصادياً نویسنده : حسن محمد تقي الجواهري جلد : 1 صفحه : 346