ثمّ لا شبهة أنّ الظاهر من هذه الوجوه كون المراد هو التصرّف الكاشف عرفا من الالتزام والإمضاء وأنّه لم يعتبر في قوله : « فذلك رضي » إلَّا بيان القضيّة الواقعيّة الوجدانيّة وتطبيق الرضى على نفس التصرّف لأجل نحو اتّحاد فيما بين الكاشف والمكشوف ، نظير ما يقال : هذا فسق ، مشيرا إلى العمل الخارجي . وأمّا كون المراد من الرضى هو الرضى بالملكيّة فيبعده أنّه يلزم حينئذ لغويّة هذا الخيار ، فإنّه لا ينفكّ غالبا عن مثل هذا التصرّف الذي لا يحلّ لغير المالك ولو مثل اسقني ماء وأغلق الباب ، وأمّا كون تطبيق الرضى من باب التنزّل والتعبّد فبعيد كما لا يخفى . ولكن يبعد الوجه الأوّل الأمثلة التي وقعت في الجواب عن السؤال عن الحدث ، فإنّه ذكر في الجواب ملامسة الجارية وتقبيلها والنظر إلى ما لا يحلّ منها قبل الشراء ومن المعلوم أنّ هذه تصرّف كاشف عن الرضى ببقاء الملكيّة لا عن الالتزام والإمضاء . ويمكن أن يقال بعدم منافاة هذه الأمثلة أيضا لذلك الوجه كالأمثلة الأخر المذكورة في الخبر الآخر مثل ركوب الدابّة فراسخ ، ونعلها ، وأخذ حافرها ، فإنّ كلّ هذه دوالّ على إرادة الفاعل إمساك الدابة وعدم ردّها إلى البائع . وأمّا وجه عدم منافاة التمثيل بملامسة الجارية وتقبيلها والنظر إليها كذلك ، فلأنّ حال الجارية حال الزوجة في أنّ المرغوب فيها المستوريّة وأنّها معدودة من عورات الرجل التي يكره دخالة الأجنبي فيها بوجه من الوجوه ، والجارية في حال خيار المشتري وإن كانت شرعا ملكا له ولكنّه إذا أراد الفسخ فباشرها أو قبّلها أو نظر إليها ، يعدّ عند العرف هذا منه أمرا شنيعا كمباشرة جارية الغير وتقبيلها والنظر إليها ، وهذا وإن لم يمضه الشارع ولكنّه بواسطة ثبوت هذا