نفس سلوكها ، والأحرى القول بأنّ المصلحة المذكورة ليست في نفس المؤدّيات بل في الالتزام والبناء القلبي على واقعية المؤدّيات وترتيب الآثار عليها ، فإنّه لو قيل بالطريقيّة فاللازم التساقط عند التعارض وعدم الجمع المدلولي كما ذكرنا ، كما أنّه لو قيل بالسببيّة على الوجه الآخر ، أعني : وجود المصلحة في نفس المؤدّيات فاللازم التساقط أيضا فيما إذا كان مفاد أحدهما النفي والآخر الإثبات كما في المقام ، حيث إنّ أحدهما يثبت المقدار الزائد وأنّه مورد استحقاق المشتري والآخر ينفيه . وأمّا على الوجه الذي ذكرنا ، أعني : وجودها في الالتزام القلبي الذي لازمها العمل الأركاني فنقول : فرق بين أن يكون المفاد ابتداء جعل الحق ونفيه ، فإنّ اللازم التساقط أو إيجاب المعاملة وعدم الإيجاب فكذلك ، وبين إيجاب التديّن بكون الزائد حقّا وإيجاب التديّن بكون الأقلّ حقّا ليس إلَّا ، فإنّ الأخير بابه باب المتزاحمين حيث لا يمكن الجمع بين الالتزامين في القلب فيثبت التخيير ، ولازمه وإن كان إيجاب المعاملة في الزائد وعدمه ، ولكن فرق بين أن يكون هذا مفادا ابتدائيا لدليل الحجّية وبين أن يكون لازما لمفاده ، فعلى الأوّل يلزم التساقط دون الثاني . إلَّا أنّ الفرق بين هذا المقام والتزاحم في التكاليف - مثل إنقاذ الغريقين الغير الممكن جمعهما - أنّه لا مرجّح هناك لأحد الفردين على الآخر ، وأمّا هنا فالمرجّح مع العمل بكلّ بيّنة في نصف المبيع ، فإنّ البيّنة على العشرة مثلا ينحلّ إلى أنّ هذا النصف خمسة وذاك أيضا خمسة ، وهكذا بيّنة الثمانية مثلا يرجع قوله إلى أنّ كلّ نصف أربعة ، فكان الموجود في البين أربع بيّنات ، والتخيير في التديّن بالمؤدّى وإن كان يقتضي كون الاختيار بيد المكلَّف ، ولكن حيث إنّ المؤدّى وجوب معاملة الحقّ ، واللازم في مقام الجمع بين الحقّين هو التقسيط والعدل