والكلام الآن في تشخيص مورد الغشّ عن غيره في هذا المقام . وليعلم أوّلا أنّ كلّ مورد حكم فيه بصدق الغشّ لا يحكم بالفساد ، فإنّ النهي لم يتعلَّق بعنوان المعاملة ، وما وقع من الأمر بإلقاء الدرهم المغشوش في البالوعة معلَّلا بأن لا يباع به ، لا يدلّ على ذلك ، إذ فرق بين قوله : لا تبع بهذا وبين قوله - عليه السلام - : « ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غشّ » [1] منهيّ عنه ولا يستفاد تحريم البيع بما هو بيع عن هذا الكلام الثاني ، وذلك لأنّ المورد لمّا كان هو الدرهم ، والتصرّف الغالب فيه صرفه في المعاملة والبيع والشراء ، فذكر البيع من باب انحصار فرد الغشّ فيه بالبيع ، لا من باب موضوعيّة البيع . وبالجملة : لا ظهور فيه في التحريم النفسي وبالعنوان البيعي نظير بيع الربا ونحوه ، هذا مضافا إلى إطلاق أخبار الخيار فإنّها شاملة بإطلاقها مورد وجود الغشّ ، ومع ذلك لم يحكم فيها بالفساد ، بل بالخيار المتفرّع على الصحّة ، هذا . وأمّا تعيين مورد الغشّ : فاعلم أنّا وإن لم نكن من أهل لسان العرب ولكن قد دخل في ذهننا من موارد استعمال هذه اللفظة مفهوم ، فنقول < فهرس الموضوعات > هيهنا مراتب لا بدّ من عرضها على الوجدان . < / فهرس الموضوعات > هيهنا مراتب لا بدّ من عرضها على الوجدان . < فهرس الموضوعات > المرتبة الأولى : أن يكون صرف عالميّة البائع بالعيب وجهل المشتري به < / فهرس الموضوعات > المرتبة الأولى : أن يكون صرف عالميّة البائع بالعيب وجهل المشتري به وعدم إعلام البائع من دون أن يسأله المشتري ، ولكنّه يشتري اعتمادا على أصل السلامة ، فترك إخبار البائع بالعيب في هذه الصورة خلاف النصح قطعا ، ولكنّ الغشّ ليس نقيض النصح بل ضدّ له بدليل عدم مساعدة الوجدان على صدق الغشّ في هذه الصورة .
[1] الوسائل : الجزء 12 ، الباب 86 ، من أبواب ما يكتسب به ، ص 209 ، ح 5 .