وبالجملة ليس الإمام بمقام إعطاء قاعدة تعبديّة مفادها الملازمة المذكورة ، بل المقصود جعل هذه الملازمة الغالبيّة شاهدا وامارة للسائل على الملكيّة ، فكأنّه قال : نماء الملك لمالكه ، فلا منافاة فيه للنبوي أصلا . هذا كلَّه مع عدم الخيار ، وأمّا مع الخيار للبائع : فقد يقال : بأنّ النبوي حينئذ معارض بقاعدة أخرى ، أعني : كون التلف في زمن الخيار ممّن لا خيار له ولكن فيه : أنّه لا عموم في هذه القاعدة لجميع أفراد الخيار ولجميع أحوال المبيع كما سيجيء في محلَّه إن شاء اللَّه تعالى . ولو تلف في الثلاثة فمقتضى النبوي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم أيضا كون الضمان على البائع وهذا واضح ، ولكنّ الذي يضعّف المطلب أنّ مثل المفيد والسيدين الذين قالوا في ما بعد الثلاثة بالضمان تمسّكا بالنبوي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم أعرضوا عنه وقالوا بضمان المشتري هنا مع وضوح كون المقام مصداقا للنبوي وعدم إمكان خفائه عليهم ، فلا يبعد دعوى حصول الاطمئنان بأنّهم عثروا على ما لم نعثر عليه . وهل يرتفع الضمان بمجرّد تمكين البائع للمشتري ؟ قد يقال : فرق بين مفهوم التمكين ومفهوم القبض الذي علَّق عليه الحكم في باب الضمان وفي باب خيار التأخير ، فإنّه لو قال البائع : أنا حاضر في تسليم المبيع مع كونه في حرزه ، لا يحصل بمجرّد هذا القبض ، وخصوصا مع وجود مثل الرواية المصرّحة بمعنى القبض ، حيث سأل السائل عن سرقة المتاع الذي اشتراه الرجل وتركه عند البائع ولم يقبضه هل هو من مال المشتري أو البائع ؟ قال - عليه السلام - : « من صاحب المتاع الذي هو في بيته حتّى يقبض المتاع ويخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه حتّى يردّ إليه حقّه » [1] .
[1] الوسائل : الجزء 12 ، الباب 10 ، من أبواب الخيار ، ص 358 ، ح 1 .