بتوسّط ريح أو طائر مثلا ، فنمت وصارت شجرة ، وشمول القول المذكور لهذا في غاية البعد ، بل في محل المنع ، ومقتضى القاعدة أن يقال : إنّ صاحب النواة بملاحظة اختياره في الإبقاء والقلع متصرّف في الأرض بخلاف صاحب الأرض ، فقاعدة السلطنة غير مقتضية بالنسبة لصاحب الغرس لتجويز الإبقاء ، لأنّها غير مشرّعة ، ولكنّها مقتضية بالنسبة لصاحب الأرض تجويز القلع لأنّه تفريغ للمال عن مال الغير . الرابع : أن يكون المالك غارسا لكن على نحو الحقّ كالمستأجر وغير ذي الخيار ، والمفلس قبل إعمال الخيار والتفليس . ويمكن أن يقال في ما عدا الأوّل : بأنّ هذا الغرس مثل إجارة المسكن ، فكما أنّها كانت استيفاء لمنفعة الدار مدّة ، فكذا الغرس أيضا استيفاء لمنفعة الأرض مقدار بقاء الشجر بحسب طبيعته ، فإنّ من يغرس الشجر يلاحظ فوائده المترتّبة على بقائه لا قطعه وجعله حطبا ، فقد استوفاها في زمان كانت الرقبة ملكا له ، فينقل الرقبة إلى الغير بدون هذه المنفعة فتصير كالعين المستأجرة التي تقدّم الكلام فيها . وأمّا الأوّل أعني المستأجر وكذا المأذون من المالك في غرس الشجرة وكذا العارية إذا غرس المستعير ، فلا اشكال ما دام عدم انقضاء المدّة في الإجارة ، وبقاء الإذن والعارية في الأخيرين ، وأمّا بعد ذلك فيرتفع عنوان الصحّة عن التصرّف ، فالتصرّف والاستيفاء هيهنا أيضا ثابت ولكن أصل المنفعة باقية على ملك المالك ، فاستيفاؤها ما دامت موجودة منوطة بالإذن ، فمتى ارتفع الاذن صار غصبا وحراما . نعم الإذن في الغرس يلازم عرفا مع التعهّد بالإبقاء ، ولكن ليس هذا إلَّا