وأمّا الرواية الأخرى التي استشهد بها أيضا للمقام ، أعني : صحيحة زيد الشحّام « قال : سألت أبا عبد اللَّه - عليه السلام - عن رجل اشترى سهام القصّابين من قبل أن يخرج السهم ؟ فقال - عليه السلام - : لا تشتر شيئا حتّى تعلم أين يخرج السهم ، فإن اشترى شيئا فهو بالخيار إذا خرج » [1] فدلالتها محلّ إشكال ، لأنّ المراد بشراء السهم إمّا ما يخرج بعد ذلك عند التقسيم ويصير ممتازا عن غيره ، وهذا وإن كان يجيء فيه خيار الرؤية ، لكنّه باطل لأنّه نكرة وغير معيّن . وإمّا الكسر المشاع وإمّا الكلَّي في المعيّن ، وعلى هذين يصحّ البيع لكن ليس الخيار عليهما خيار الرؤية مقيّدا بما بعد الخروج لأنّه متى رآها يجيء له الخيار وإن كان قبل الخروج ، وهكذا لو أريد خيار الحيوان لأنّه أيضا غير متقيّد بالخروج بل يكون من حين تمام العقد . فالذي ينبغي حمل الرواية عليه هو إرادة شراء ما يخرج في السهم عند التقسيم بالقرعة ، ومن المعلوم أنّه غير صحيح والإمام - عليه السلام - أيضا منع عنه وأمر بالصبر حتّى يخرج السهم ويراه بعينه ، وأنّه لو اشترى قبل ذلك فهو بالخيار متى خرج ، يعني : أنّ هذا الشراء لم يفد بالنسبة إليه ملكا وليس بعد الخروج ملزما بالقبول ، لأنّه ليس ملكه بل إن شاء ملكه بعقد جديد وإن شاء تركه . مسألة : مورد هذا الخيار كما عرفت هو العين الشخصية الغائبة ومن المعلوم احتياج بيعها إلى تعيين الأوصاف التي بها يرتفع الغرر في البيع ، وهيهنا إشكال بملاحظة حكمهم في بيع السلم وبيع العين الغائبة وبيع العين المشاهدة ، فإنّه لا يعتبر في السلم ذكر الأوصاف بتمامها ، بل يتسامح في ذكر بعضها ، لأنّ الاستقصاء يفضي إلى عزّة الوجود ، ولكن ليس هكذا الحال في العين الغائبة فاعتبروا فيها
[1] الوسائل : الجزء 12 ، الباب 15 ، من أبواب الخيار ، ص 362 ، ح 2 .