الأخبار في جميع السنوات المكية ، وحوا لي سنة ونصف في المدينة [1] ، وما كان ذلك إلا إلى تلك الجهة التي فيها بيت المقدس ، وكان المسلم في بيته يصلي نحوه ، من غير رعاية هذه الدرجات والآلات المسماة ب ( قبله نما ) وستحدث إن شاء الله ( مدينة نما ) و ( كربلا نما ) و ( مشهد نما ) وحدود انحراف درجاتها عن خط نصف النهار ، كما صنعه الأقدمون والمعاصرون ، حفظنا الله تعالى عن الخطأ والزلل ، وتمام الكلام في المسألة يطلب من محالها إن شاء الله تعالى . ولقد كتبنا في بعض الرسائل : أن مسألة حرمة الاستدبار حال التخلي لمكان كونه استقبالا عقلا ، ولكنه خروج عن العرف . وربما يؤيد ذلك : أن حرمة الاستقبال حال التخلي ليست إلا تشريفا للكعبة ، وتعظيما لها [2] ، وبالضرورة يكون الانحراف إلى اليمين واليسار أقرب إلى التعظيم من الاستدبار ، حسب فهم العقلاء ، ولكن مع ذلك يرجع إلى العرف هنا كسائر المسائل ، فلا تغفل .
[1] عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : متى صرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى الكعبة ؟ قال : بعد رجوعه من بدر وكان يصلي في المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم أعيد إلى الكعبة . مجمع البيان 1 : 413 ، وسائل الشيعة 4 : 297 ، كتاب الصلاة ، أبواب القبلة ، الباب 2 ، الحديث 3 . [2] عن محمد بن إسماعيل قال : دخلت على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) وفي منزله كنيف مستقبل القبلة وسمعته يقول : من بال حذاء القبلة ، ثم ذكر ، فانحرف عنها إجلالا للقبلة ، وتعظيما لها ، لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له . وسائل الشيعة 1 : 303 ، كتاب الطهارة ، أبواب أحكام الخلوة ، الباب 2 ، الحديث 7 .