الشهرة في مثل المقام مميزة ولا مرجحة . ولا وجه أيضا للقول بالتخيير ، فيبقى توهم أن الموثقة ليست بصدد حكم الطبيعة الموجودة ، بل هي بصدد الحكم الأولي التأسيسي [1] ، وعندئذ نقول بمقتضى الموثقة تبطل الصلاة على الاطلاق ، وبمقتضى القاعدة تصح ، وحيث إن صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله المذكور في خلل النجاسات [2] ، ناطق بالصحة حال الجهل ، فيلزم الجمع بين الثلاثة ، بتقديم الصحيحة على الموثقة أولا ، ثم تقديم الموثقة على القاعدة ثانيا ، كي لا يلزم سقوط الموثقة بالمرة ، وهذا هو المعروف عندهم ، بانقلاب النسبة ، الباطل عندنا . نعم الجمع العقلائي ، هو أنه مهما أمكن أولى من الطرح ، وتصير النتيجة نتيجة الانقلاب . هذا ، وفيه : إن خروج الجاهل المقصر عن الموثقة بالصحيحة ، ممنوع ، فتبقى الموثقة مع تقديم القاعدة عليها قابلة للعمل في الجاهل والعامد ، وعندئذ يقال : إن القاعدة هي المرجع لولا الشهرة المنقولة ، ولا سيما مع فقد الدليل الخاص على حال النسيان ، اللهم إلا أن يشتبه الأمر بين الشهرة ، على نسيان الحكم والموضوع ، فيكون المستند عندئذ بعض القواعد ، فلا عبرة بها ، وغير خفي أنه مع التردد في الحكومة يكون المرجع إطلاق أدلة الشروط .
[1] مستمسك العروة الوثقى 5 : 349 . [2] تقدم في الصفحة 218 .