فالمتبع بعد ذلك الاختلاف هو الأخبار ، ولا شهرة أو إجماع تعبدي في المسألة ، وقد مر : أن الأظهر أن القبلة لغير العالم العامد ، ما بين المشرق والمغرب - أي : هذه المحدودة مقدارا - وإن لم يكن شرق ولا غرب ، فيكون الاستدبار ربع فلك المصلي ، وذلك لاطلاق تلك الأخبار ، من جهة حد القبلة ، ومن جهة المصلي المجتهد وغيره ، ومن جهة الوقت وخارجه ، فيكون قبلة عقد مستثنى لا تعاد وسيعا جدا ، كما أن وقته وسيع جدا ، من الجانبين الأول والآخر ، وهكذا بالنسبة إلى الركوع والسجود ، حيث تشمل القاعدة الصلاة المندوبة ، والمفروضة الاضطرارية وأمثالهما . وبالجملة : بالنسبة إلى جميع المشارق والمغارب ، حسب أيام السنة ، يصدق قوله ( عليه السلام ) : ما بين المشرق والمغرب ولا سيما لو كان زمان صدور الرواية من أيام الصيف والنهار طويل ، فإن اخراجه عن محط الخبر بعيد جدا ، وتقيد السائل والمجيب بالنهار الخاص أبعد . فالأمر دائر بين الاستدبار وكون الكعبة خلف ظهره وبين الاستقبال وعدم كون الكعبة خلف ظهره . ويؤيد ما ذكرناه رواية معتبرة في الكافي عن الحلبي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : سألته ، هل كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلي إلى بيت المقدس ؟ قال : نعم فقلت : أكان يجعل الكعبة خلف ظهره ؟ فقال : أما إذا كان بمكة فلا ، وأما إذا هاجر إلى المدينة فنعم ، حتى حول إلى الكعبة [1] .