نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 85
المتقدمين [1] . وذلك فإن من المعلوم أن سكان الصحارى والرساتيق ليسوا في الإنس بالأحكام والشرائع ، كسكان المدن والأمصار المشتملة على العلماء والوعاظ والجمعات والجماعات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك . ولهذا نهى الشارع عن سكون تلك وندب إلى سكون هذه ، لأنه بمجرد ذلك يحصل التأدب بالآداب الشرعية ، والتخلق بالأخلاق المرضية ، والاطلاع على الأحكام النبوية بمداخلة أبناء النوع ومعاشرتهم ، بل مجرد رؤيتهم ، كما لا يخفى على من تأمل ذلك ، وحينئذ فالعامي من سكان الصحارى - مثلا - إذا أخذ العبادة من آبائه وتلقاها من أسلافه على أي وجه كان ، معتقدا أنها هي العبادة التي أمر بها الشارع ولم يعلم زيادة على ذلك . فالظاهر صحتها . ( أما أولا ) - فلأنه جاهل بما سوى ذلك جيلا ساذجا ، وتوجه الخطاب إلى مثله كما قدمنا [2] ممتنع عقلا ونقلا . و ( أما ثانيا ) - فلأنه قد ورد في الأخبار بالنسبة إلى جاهل الإمامة من المخالفين أنهم ممن يرجى لهم الفوز بالنجاة في الآخرة ، فإذا كان ذلك حال المخالفين في الإمامة التي هي من أصول الدين فكيف بعوام مذهبنا في الفروع ؟ وكذا القول بالنسبة إلى قوة العقل والفهم وعدمها ، فإن خطاب كاملي العقول وثاقبي الأذهان ليس كخطاب غيرهم من البله والصبيان والنسوان ، وقد ورد عنهم ( عليهم السلام ) : " إنما يداق الله العباد على ما وهبهم من العقول " [3] و " أنه سبحانه يحتج على العباد بما آتاهم
[1] في صحيفة 82 سطر 3 . [2] في صحيفة 83 سطر 4 . [3] وهو حديث أبي الجارود عن أبي جعفر ( عليه السلام ) المروي في الكافي في كتاب العقل والجهل بالنص الآتي : " إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا . "
85
نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 85