نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 128
مما توجهت إليه آحاد المحققين ؟ وإن كان المراد به ما كان مقبولا بزعم المستدل به واعتقاده ، فلا يجوز لنا تكفير الحكماء والزنادقة ولا تفسيق المعتزلة والأشاعرة ولا الطعن على من يذهب إلى مذهب يخالف ما نحن عليه ، وذلك أن أهل كل مذهب استندوا في تقوية ذلك المذهب إلى دلائل كثيرة من العقل ، وكانت مقبولة في عقولهم معلومة لهم ، ولم يعارضها سوى دلائل العقل لأهل القول الآخر أو دلائل النقل ، وكلاهما لا يصلح للمعارضة لما قلتم ، لأن دليل النقل يجب تأويله ودليل العقل لهذا الشخص لا يكون حجة على غيره ، لأن عنده مثله ويجب عليه العمل بذلك ، مع أن الأصحاب ( رضوان الله عليهم ) ذهبوا إلى تكفير الفلاسفة ومن يحذو حذوهم وتفسيق أكثر طوائف المسلمين ، وما ذاك إلا لأنهم لم يقبلوا منهم تلك الدلائل ولم يعدوها من دلائل العقل " انتهى كلامه زيد في الخلد اكرامه . أقول : وقد سبقه إلى هذه المقالة الإمام الرازي ، حيث قال : " هذه الأشياء المسماة بالبراهين لو كانت في أنفسها براهين لكان كل من سمعها ووقف عليها وجب أن يقبلها وأن لا ينكرها أصلا ، وحيث نرى أن الذي يسميه أحد الخصمين برهانا فإن الخصم الثاني يسمعه ويعرفه ولا يفيد له ظنا ضعيفا ، علمنا أن هذه الأشياء ليست في أنفسها براهين ، بل هي مقدمات ضعيفة انضافت إلى العصبية والمحبة إليها فتخيل بعضهم كونها برهانا مع أن الأمر في نفسه ليس كذلك . وأيضا فالمشبه يحتج على القول بالتشبيه بحجة وبزعم أن تلك الحجة أفادته الجزم واليقين ، فإما أن يقال : إن كل واحدة من هاتين الحجتين صحيحة يقينية فحينئذ يلزم صدق النقيضين وهو باطل ، وإما أن يقال : إحداهما صحيحة والأخرى فاسدة إلا أنه متى كان الأمر كذلك كانت مقدمة واحدة من مقدمات تلك الحجة باطلة في نفسها . مع أن الذي تمسك بتلك الحجة جزم بصحة تلك المقدمة ابتداء . فهذا يدل على أن العقل يجزم بصحة الفاسد جزما ابتداء ،
128
نام کتاب : الحدائق الناضرة نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 128