وأيضا ترجيح هذه القراءة لا بدّ له من مرجح ، فإذا وقعت المخالفة في القراءة فالمشهور التخيير لا الترجيح ، لأنّ الترجيح إنّما يطلب في موضع يراد أنّ الأمر في الواقع كيف هو ، وغير ظاهر كون ما نحن فيه منه ، لأنّ الشرع أمضى كلّ هذه القراءات مع أنّ الحق واحد منها ، بل ربما كان الحق القراءة المنسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام ، فالشرع جعل هذه القراءات ممّا يجوز لنا التمسك به ، فالعبرة بتجويز الشرع لا بكونها موافقة للواقع . مع أن قوله تعالى * ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ ) * [1] قراءة الجميع من حيث لا يشذ عنهم أحد ، فهو أرجح البتة ، وظاهرها يخالف ظاهر هذه القراءة ، مع أنّها أقوى سندا ، بل ربما كانت أقوى دلالة أيضا ، لموافقتها لقراءة يطَّهّرن بالتشديد ، على أنّه لا أقل من التساوي ، والترجيح بأصل الإباحة يعارضه استصحاب الحرمة ، وكيف كان فالعبرة بالأخبار . وعلى تقدير رجحان قراءة يطَّهّرن على حسب ما ذكرنا فالمراد من الطهارة المعنى الذي هو حقيقة عند المتشرعة ، وهو مما يكثر استعمال الشارع اللفظ فيها إلى أن توهموا أو [2] قالوا : إنه حقيقة ، فتأمل [3] . قوله : ويدل على الجواز . ( 1 : 338 ) . ( 1 ) في استدلاله بها عجب ، لأنها تدل على خلاف مختاره ، ووردت هذه الرواية بطريقين موثقين عن ابن مسلم عن الباقر عليه السلام ، وأما الروايات الأخر فغير صحيحة ، وهو لا يعمل بها فلا تكون حجة عنده ، والحق أنّها حجة ، لانجبارها بالشهرة ، فمن هذه الجهة تقاوم الصحيحة ،
[1] البقرة : 222 . [2] في « ج » و « د » : و . [3] ليس في « أ » و « و » .