إسم الكتاب : الحاشية على مدارك الأحكام ( عدد الصفحات : 451)
ظاهرة في عدم الترتيب مطلقا ، والأخبار الأولة في وجوبه بين الرأس والبدن ، وكيف التعارض في مقام البيان ! فظهر أن ما أتى به ليس في مقام البيان البتة ، لمنافاته الإجمال . مع أن الظاهر منها - خصوصا الآخرين - أن المراد بيان أنّه لا وضوء فيه ، كما يقول به العامة [1] ، كما لا يخفى على المتأمّل المنصف . ومما يومئ أنّه توجه عليه السلام في أوله إلى الآداب والمستحبات ، إلى أن وصل إلى نفس الغسل ، فلم يذكر إلَّا أنّه يغسل جسده ولا وضوء فيه ، من غير توجه إلى مستحبات وآداب مع أن فيه آداب ومستحبات البتة . وأهم من ذلك عدم ذكر تقديم الرأس ، إذ لا أقل من أنّه مستحب في غاية الشدة ونهاية التأكيد . ثم لا يخفى أن غرض الشارح إن كان نفي ثبوت الترتيب بين خصوص الجانبين ، وإن وجب بين الرأس والجسد ، كما يظهر من قوله : بين الجانبين ، ففيه ما عرفت وستعرف ، وإن كان نفي الترتيب مطلقا فمع كونه خلاف ظاهر كلامه - مضافا إلى ما عرفت أيضا - أنّه إحداث قول ثالث ، والشارح بأضعف من هذا ربما يتمسك ، فتأمّل . وبالجملة : الأخبار الأخيرة هو لا يقول بمضمونها ، والأولة لم يقل به أحد من الفقهاء بما يظهر منها على تقدير تسليم ظهور التفصيل ، بل إما حملت على الاستحباب ، أو طرحت ، أو قيل بأن المراد منها وجوب الترتيب مطلقا ، سكت المعصوم عليه السلام عن التنصيص بالنسبة إلى الجانبين ، بناء على ظهور أن الترتيب هو كذلك ، وكانوا يعرفون من الطريقة المستمرة بين المسلمين ، فتأمّل .
[1] انظر بداية المجتهد 1 : 44 ، والمغني لابن قدامة 1 : 249 .